صفحة جزء
فصل

وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى ، صح وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده ؛ على روايتين ، وإن تزوج بغير إذنه ، لم يصح النكاح ، فإن دخل بها ، وجب في رقبته مهر المثل ، وعنه : يجب خمسا المسمى ، اختارها الخرقي ، وإن زوج السيد عبده أمته ، لم يجب مهر ، ذكره أبو بكر ، وقيل : يجب ويسقط ، وإن زوج عبده حرة ، ثم باعها العبد بثمن في الذمة ، تحول صداقها أو نصفه - إن كان قبل الدخول - إلى ثمنه ، وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده ، ويحتمل ألا يصح قبل الدخول .


فصل

( وإن تزوج العبد بإذن سيده على صداق مسمى ، صح ) ; لأن الحجر عليه لحق سيده ، فإذا أسقط حقه سقط بغير خلاف ، وله نكاح أمة ولو أمكنه حرة ، ويملك نكاح واحدة إذا طلق ، نص عليه ، وفي تناول النكاح الفاسد [ ص: 148 ] احتمالان ( وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده ؛ على روايتين ) الأصح : أنه يتعلق بذمة سيده ، نقله الجماعة; لأنه حق تعلق بالعبد برضى السيد ، فتعلق بذمته كالدين ، وكذا النفقة ، والكسوة ، والمسكن ، نص عليه ، والثانية : تتعلق برقبته; لأنه وجب بفعله ، أشبه جنايته ، وعنه يتعلق بهما ، وعنه : بذمتيهما بذمة العبد أصالة ، وذمة سيده ضمانا ، وعنه بكسبه ، وفائدة الخلاف أن من ألزم السيد المهر والنفقة أوجبهما عليه ، وإن لم يكن للعبد ، وليس للمرأة الفسخ; لعدم كسب العبد ، وللسيد استخدامه ومنعه من الاكتساب ، ومن علقه بكسبه فللمرأة الفسخ إن لم يكن له كسب ، وليس لسيده منعه من التكسب ، وعلى الأول إن باعه سيده أو أعتقه لم يسقط المهر عن السيد ، نص عليه ، فأما النفقة فإنها تتجدد ، فيكون في الزمن المستقبل على المشتري وعلى العبد إذا أعتق .

( وإن تزوج بغير إذنه ، لم يصح النكاح ) نقله الجماعة ، وهو قول عثمان ، وابن عمر ; لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي وحسنه ، وإسناده جيد ، لكن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه كلام ، ورواه الخلال من حديث ابن عمر مرفوعا ، وأنكره أحمد ، ورواه أبو داود ، وابن ماجه ، عن ابن عمر موقوفا; ولأنه نكاح فقد شرطه فكان باطلا ، كما لو تزوج بغير شهود ، ونقل حنبل : هو كفضولي ، وقاله الأصحاب; ولأنه عقد يقف على الفسخ فوقف على الإجازة كالوصية ( فإن دخل بها ) ووطئها ( وجب في رقبته مهر المثل ) في قول أكثرهم ، كسائر الأنكحة الفاسدة ، فعلى هذا يباع فيه إلا أن يفديه السيد ، وقيل : [ ص: 149 ] يتعلق بذمة العبد ، والأول أظهر; لأن الوطء أجري مجرى الجناية الموجبة للضمان بغير إذن الولي ( وعنه : يجب خمسا المسمى ) نقله الجماعة ( اختارها الخرقي ) والقاضي ، وأصحابه; لما روى خلاس بن عمرو أن غلاما لأبي موسى تزوج بغير إذنه ، فكتب في ذلك إلى عثمان ، فكتب إليه أن فرق بينهما ، وخذ لها الخمسين من صداقها ، وكان صداقها خمسة أبعرة رواه أحمد; ولأن المهر أحد موجبي الوطء ، فجاز أن ينقص فيه العبد عن الحر كالحد ، قال الشيخ تقي الدين : المهر يجب في نكاح العبد بخمسة أشياء : عقد النكاح ، وعقد الصداق ، وإذن السيد في النكاح ، وإذنه في الصداق ، والدخول ، فبطل ثلاثة من قبل السيد ، فبقي من قبله اثنان وهو : التسمية ، والدخول . وعنه : إن علمت أنه عبد فلها خمسا المهر ، وإلا فلها المهر في رقبة العبد ، وقيل : يجب خمسا مهر المثل ، وعنه : المسمى ، قدمه في " الرعاية " ، ونقل المروذي : يعطي شيئا ، قلت : تذهب إلى حديث عثمان ؛ قال : أذهب أن يعطي شيئا ، قال أبو بكر : هو القياس .

تنبيه : السيد مخير بين أن يفديه بأقل الأمرين من قيمته أو مهر واجب ، كأرش جنايته ، ونقل حنبل : لا مهر; لأنه بمنزلة العاهر ، ويروى عن ابن عمر ، وهو رواية في " المحرر " : إن علما التحريم - وظاهر كلام جماعة : أو علمته هي ( وإن زوج السيد عبده أمته لم يجب مهر ، ذكره أبو بكر ) والقاضي; لأنه لا يجب للسيد على عبده مال ( وقيل : يجب ويسقط ) قدمه في " الكافي " ، و " المستوعب " ، و " الرعاية " ، وهو رواية في " التبصرة " ; لأن النكاح لا يخلو من مهر ، ثم يسقط لتعذر إتيانه ، وقال أبو الخطاب : يجب المسمى أو مهر المثل إن لم يكن مسمى [ ص: 150 ] والمذهب : أنه يجب مهر المثل ، ويتبع به بعد عتقه ، نص عليه في رواية سندي ، وجزم به في " الوجيز " ( وإن زوج عبده حرة ، ثم باعها العبد بثمن في الذمة ، تحول صداقها أو نصفه - إن كان قبل الدخول - إلى ثمنه ) ; لأن ذلك متعلق برقبة العبد ، فوجب أن ينتقل إلى بدله وهو الثمن ، وحاصله : أنه إذا باعه لها بثمن في ذمتها فعلى حكم مقاصصة الدينين ، وإن تعلق برقبته تحول مهرها إلى ثمنه ، كشراء غريم عبدا مدينا ، وإن تعلق بذمتيهما سقط المهر لملكها العبد ، والسيد تبع له; لأنه ضامنه ، ويبقى الثمن للسيد عليها ، وقيل : لا يسقط بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه ، ففي سقوطه وجهان ، والنصف قبل الدخول كالجميع إن لم يسقط في رواية ، قال في " الشرح " المذهب أنه لا يسقط بعد الدخول بحال ( وإن باعها إياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده ) نص عليه; لأن الصداق يصلح أن يكون ثمنا لغير العبد ، فكذا له ، وفي رجوعه قبل الدخول بنصفه أو جميعه الروايتان ، وبطل النكاح إذن ( ويحتمل ألا يصح قبل الدخول ) هذا رواية ; لأنه يلزم من صحته فسخ النكاح ، ومن سقوط المهر بطلان البيع; لأنه عوضه ، ولا يصح بغير عوض ، واختار ولد صاحب " الترغيب " : إن تعلق برقبته أو ذمته ، وسقط ما في الذمة بملك طارئ - برئت ذمة السيد ، فيلزم الدور ، فيكون في الصحة بعد الدخول الروايتان قبله ، وإن جعله مهرها بطل العقد ، كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه ، إذ نقدره له قبلها بخلاف إصداق الخمر; لأنه لو ثبت لم ينفسخ ، ذكره جماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية