صفحة جزء
فصل

ومهر المثل معتبر بمن يساويها من نساء عصبتها ، كأختها ، وعمتها ، وبنت أخيها ، وعمها ، وعنه : يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها ، وتعتبر المساواة في المال ، والجمال ، والعقل ، والأدب ، والسن ، والبكارة ، والثيوبة ، والبلد ، فإن لم يكن في نسائها إلا دونها ، زيدت بقدر فضيلتها ، وإن لم يوجد فوقها نقصت بقدر نقصها ، وإن كان عادتهم التخفيف على عشيرتهم دون غيرهم ، اعتبر ذلك ، وإن كان عادتهم التأجيل ، فرض مؤجلا في أحد الوجهين ، فإن لم يكن لها أقارب ، اعتبرت بنساء بلدها ، ثم بأقرب النساء شبها بها ، وأما النكاح الفاسد ، فإذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره فلا مهر فيه ، فإن دخل بها استقر عليه المسمى ، وعنه : يجب مهر المثل ، وهي أصح ، ولا يستقر بالخلوة ، وقال أصحابنا : يستقر .


فصل

( ومهر المثل معتبر بمن يساويها من نساء عصبتها ) من جهة أبيها وجدها ( كأختها ، وعمتها ، وبنت أخيها ، وعمها ) قال في " الشرح " : هو الأولى; لقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم [ ص: 171 ] في بروع بنت واشق بمثل مهر قومها ; ولأن شرف المرأة معتبر في مهرها ، وشرفها بعصباتها; لأنهم نسباؤها ، وأمها وخالتها لا يساويانها في شرفها ، وقد تكون أمها مولاة وهي شريفة ، وبالعكس ، وينبغي أن يعتبر الأقرب فالأقرب من نساء عصباتها ، كأختها لأبيها ، ثم عماتها ( وعنه : يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها ) جزم بها في " الوجيز " ، وقدمها في " المحرر " و " المستوعب " و " الفروع " ; لأن مطلق القرابة له أثر له في الجملة ، وأمها وخالتها يشملهما حديث ابن مسعود لها مهر نسائها وحينئذ يعتبر بمن يساويها في الصفات الحسنة والمال والبلد بالأقرب فالأقرب منهن .

( وتعتبر المساواة في المال ، والجمال ، والعقل ، والأدب ، والسن ، والبكارة ، والثيوبة ، والبلد ) ; لأن مهر المثل بدل متلف ، فاعتبرت الصفات المفقودة ، فإن لم يكن في نسائها من هو مثل حالها ، فمن نساء أرحامها ( فإن لم يكن في نسائها إلا دونها ، زيدت بقدر فضيلتها ) ; لأن زيادة فضيلتها تقتضي زيادة المهر ( وإن لم يوجد فوقها نقصت بقدر نقصها ) كأرش العيب ، مقدر بقدر نقص المبيع; ولأن له أثرا في تنقيص المهر ، فوجب أن يترتب بحسبه ( وإن كان عادتهم التخفيف على عشيرتهم دون غيرهم ، اعتبر ذلك ) ; لأن العادة لها أثر في المقدار ، فكذا في التخفيف ، لا يقال : مهر المثل بدل متلف ، فوجب أن لا يختلف كسائر المتلفات; لأن النكاح يخالف سائر المتلفات باعتبار أن المقصود منه أعيان الزوجين ، بخلاف بقية المتلفات ، فإن المقصود منه المالية خاصة ، فلذلك لم يختلف باختلاف العوائد ، والمهر يختلف باختلاف العوائد ( وإن كان عادتهم التأجيل ، فرض مؤجلا في أحد الوجهين ) جزم به [ ص: 172 ] في " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " ; لأنه مهر نسائها ، والثاني : يفرض حالا; لأنه بدل متلف ، فوجب الحلول كقيم المتلفات ، وكما لو لم يكن لهم عادة بالتأجيل ، فلو اختلفت مهورهن أخذ بالوسط الحال ( فإن لم يكن لها أقارب اعتبرت بنساء بلدها ) ; لأن ذلك لا أثر له في الجملة ( ثم بأقرب النساء شبها بها ) ; لأنه لما تعذر الأقارب اعتبر أقرب النساء شبها بها من غيرهن ، كما اعتبر قرابتها البعيد إذا لم يوجد القريب .

( وأما النكاح الفاسد ، فإذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره فلا مهر فيه ) ; لأن المهر يجب بالعقد ، والعقد فاسد ، فوجوده كعدمه كالبيع الفاسد ، وظاهره : ولو لموت ، قال في " الفروع " : ويتوجه أنه على الخلاف في وجوب العدة به ، وتقرره بالخلوة ، وفي مختصر ابن رزين : يستقر به وفي الرعاية إذا طلق قبل الدخول فلا يقع ، ففي سقوط المهر وإيجابه احتمالان ( فإن دخل بها ) ووطئها ( استقر عليه المسمى ) في المنصوص ، وقدمه في الفروع; لأن في بعض ألفاظ حديث عائشة : ولها الذي أعطاها بما أصاب منها رواه أبو بكر البرقاني ، وأبو محمد الخلال بإسنادهما ( وعنه : يجب مهر المثل ، وهي أصح ) جزم به في " الوجيز " ، وهو ظاهر الخرقي ; لقوله عليه السلام : فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها فجعل لها المهر بالإصابة ، والإصابة إنما توجب مهر المثل; لأن العقد ليس بموجب ، بدليل الخبر ، وأنه لو طلقها قبل مسيسها لم يكن لها عليه شيء ، وإذا لم يكن موجبا كان وجوده كعدمه ، وكوطء الشبهة; ولأن [ ص: 173 ] التسمية لو فسدت لوجب مهر المثل ، فكذا إذا فسد العقد ( ولا يستقر بالخلوة ) وهو رواية ، وقاله أكثر العلماء ، كمن منعته الوطء أو افترقا بلا وطء ولا خلوة ( وقال أصحابنا يستقر ) نص عليه قياسا على العقد الصحيح ، وفي " المغني " : الأول أولى; لأن الصداق إنما أوجبه الوطء ، ولذلك لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول ، أشبه الخلوة بالأجنبية; ولأنه عليه السلام جعل المهر بما استحل من فرجها ، ولم يوجد ، وقيل : لا يكمل بها .

فرع : لا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو فسخ ، فإن أبى الزوج فسخه الحاكم ، نص عليه ، وظاهره : لو زوجها قبل فسخه لم يصح مطلقا ، فإن زوجت نفسها بلا شهود ، ففي تزويجها قبل فرقة روايتان في " الإرشاد " ، وهما في " الرعاية " بلا ولي أو بدونهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية