صفحة جزء
[ ص: 191 ] باب

عشرة النساء

يلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف ، وأن لا يمطله بحقه ، ولا يظهر الكراهة لبذله ، وإذا تم العقد ، وجب تسليم المرأة في بيت الزوج ، إذا طلبها ، وكانت حرة يمكن الاستمتاع بها ، ولم تشترط دارها ، وإن سألت الإنظار ، وأنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا بالليل .


باب

عشرة النساء

وهي ما يكون بينه وبين أهله من الألفة والانضمام

( يلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف ) والمراد هنا : النصفة ، وحسن الصحبة مع الأهل ( وأن لا يمطله ) هو بضم الطاء ، والمطل الدفع عن الحق بوعد ( بحقه ، ولا يظهر الكراهة لبذله ) لقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف [ النساء : 19 ] ، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [ البقرة : 228 ] قال أبو زيد : يتقون الله فيهن ، كما عليهن أن يتقين الله فيكم ، وقال ابن الجوزي وغيره : هو المعاشرة الحسنة ، والصحبة الجميلة . قال ابن عباس : إني لأحب أن أتزين للمرأة ، كما أحب أن تتزين لي; لهذه الآية ، فعلى هذا يلزم تحسين الخلق والرفق ، واستحبهما في " المغني " و " الشرح " كاحتمال أذاه; لقوله تعالى : والصاحب بالجنب [ النساء : 36 ] قيل : هو كل واحد من الزوجين; ولقوله تعالى : فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا [ النساء : 19 ] قال ابن عباس : ربما رزق منها ولد ، فجعل الله فيه خيرا كثيرا ، وعن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء متفق عليه ، ولفظه لمسلم ، وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما امرأة باتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة رواه ابن ماجه ، والترمذي وقال : حسن غريب ، فدل على أن حق الزوج عليها آكد من حقها عليه .

[ ص: 192 ] ( وإذا تم العقد وجب تسليم المرأة ) ; لأن بالعقد يستحق الزوج تسليم المعوض ، كما تستحق المرأة تسليم العوض ، وكالإجارة ( في بيت الزوج ) ; لأن الحق له ، فملك تعيين موضعه ، وله شروط ( إذا طلبها ) ; لأن الحق له ، فلا يجب بدون الطلب ( وكانت حرة ) ; لأن الأمة لا يجب تسليمها مطلقا ، بل ليلا; لأن النهار تكون في خدمة سيدها ( يمكن الاستمتاع بها ) ; لأن التسليم إنما وجب ضرورة استيفاء الاستمتاع الواجب ، فإذا لم يمكن الاستمتاع بها لم يكن واجبا ، وظاهره ولو كانت نضوة الخلقة وهو جسيم ، فإنه يجب تسليمها ، كما لو كانت مريضة مرضا مزمنا ، ويقبل قول امرأة ثقة في ضيق فرجها ، وعبالة ذكره ونحوه ، وتنظرهما وقت اجتماعهما للحاجة ، ولو أنكر أن وطأه يؤذيها لزمها البينة ، ونص على أنها تكون بنت تسع ، قال القاضي : ليس هذا عندي على سبيل التحديد ، وإنما ذكره; لأنه الغالب ، ولا يلزم ابتداء تسليم محرمة ، ومريضة ، وصغيرة ، وحائض ، ولو قال : لا أطأ ، وفيه احتمال ( ولم تشترط دارها ) فإن شرطته لزم الوفاء به ، ويجب عليها تسليم نفسها في دارها ( وإن سألت الإنظار وأنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها ) ; لأن ذلك يسير جرت العادة بمثله ، يدل عليه قوله عليه السلام : لا تطرقوا النساء ليلا ، حتى تمتشط الشعثة ، وتستحد المغيبة فمنع من الطروق ، وأمر بإمهالها لتصلح أمرها مع تقدم صحبتها له ، فهنا أولى ، وقيده في " المغني " و " الكافي " و " الشرح " باليومين والثلاثة; لأن ما يحتاج إليه يمكن فعله في ذلك لا لعمل جهازها ، وكذا لو سأل هو الإنظار ، وفي " الغنية " : إن استمهلت هي أو أهلها استحب له إجابتهم ما يعلم به التهيؤ من شراء جهاز ، وتزين ، وولي من به صغر [ ص: 193 ] أو جنون مثله ( وإن كانت أمة لم يجب تسليمها إلا بالليل ) مع الإطلاق ، نص عليه; لأنها مملوكة عقد على إحدى منفعتها ، فلم يجب تسليمها في غير وقتها كما لو آجرها لخدمة النهار ، فلو شرطه نهارا أو بذله سيد وجب حتى ولو شرطها كونها عند السيد ، فإن بذله وقد شرطه لنفسه فوجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية