صفحة جزء
والمخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة ، وفي الخبز روايتان ، وإن كان قوت بلده غير ذلك أجزأ منه ; لقول الله تعالى : من أوسط ما تطعمون أهليكم ، وقال القاضي : لا يجزئه ولا يجزئ من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدين ولا من الخبز أقل من رطلين بالعراقي ، إلا أن يعلم أنه مد . وإن أخرج القيمة ، أو غدى المساكين ، أو عشاهم لم يجزئه . وعنه : يجزئه .


( والمخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة ) وهو التمر والزبيب والبر والشعير ونحوها . وإخراج الحب أفضل للخروج من الخلاف ، وهي حالة كماله ; لأنه يدخر ويهيأ لمنافعه كلها ، بخلاف غيره .

ونقل ابن هانئ : التمر ، والدقيق أحب إلي مما سواهما . وفي " الترغيب " التمر أعجب إلى أحمد ، فإن أخرج دقيقا جاز ; لأنه أجزاء الحب . وقد كفاهم مؤنته ، وهيأه لهم ، بخلاف الهريسة فإنها تفسد عن قرب ، وفي السويق الخلاف السابق ، ( وفي الخبز روايتان ) . المنصوص الإجزاء اختارها الخرقي لقوله تعالى : من أوسط ما تطعمون أهليكم [ المائدة : 89 ] . والمطعم للخبز من أوسط ما يطعم أهله ، ولأنه مهيأ للأكل . والثانية : لا ، وهي ظاهر " المحرر " [ ص: 67 ] و " الفروع " ; لأنه خرج عن حال الكمال ، والادخار ، أشبه الهريسة . قال القاضي وأصحابه : الأولى الجواز ، وفي " المغني " هو أحسن ، وهذا من أوسط ما يطعم أهله وليس الادخار مقصودا في الكفارة ، فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه ، وهذا مهيأ للأكل المعتاد للاقتيات به ، وأما الهريسة ، فإنها خرجت عن الاقتيات المعتاد إلى خبز الإدام . ( وإن كان قوت بلده غير ذلك ) كالذرة ، والأرز ( أجزأه منه ) في قول أبي الخطاب ، والمؤلف وغيرهما ، ( لقول الله تعالى من أوسط ما تطعمون أهليكم ) ، وهذا مما يطعمه أهله فوجب أن يجزئه بظاهر النص ، فإن أخرج عن قوت بلده أجود منه فقد زاده خيرا . واعتبر في " الواضح " غالب قوت بلده . وأوجب الشيخ تقي الدين وسطه قدرا مطلقا بلا تقدير ، ( وقال القاضي : لا يجزئه ) سواء كان قوت بلده ، أو لم يكن ; لأن الخبر ورد بإخراج هذه الأصناف في الفطرة ، فلم يجز غيره كما لو لم يكن قوت بلده . والأول أجود ( ولا يجزئ من البر ) أو دقيقه ( أقل من مد ) . وقال زيد ، وابن عباس ، وابن عمر لما روى أحمد ، ثنا إسماعيل ، ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني ، قال : جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر : أطعم هذا ، فإن مدي شعير مكان مد بر ، وعلى هذا يحمل ما روي عن سلمة بن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا ، فقال : أطعمه ستين مسكينا ، وذلك لكل مسكين مد . رواه الدارقطني ، وهو للترمذي بمعناه . ( ولا من غيره أقل من مدين ) لقوله عليه السلام : فإن مدي شعير مكان مد بر وهو مرسل جيد . ولأبي داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : يعني بالعرق زنبيلا يأخذ خمسة عشر صاعا ، وإذن العرقان [ ص: 68 ] ثلاثون صاعا فيكون لكل مسكين نصف صاع . ولأبي داود في رواية : العرق مكتل يسع ثلاثين صاعا ، وقال : هذا أصح . وعنه : مدان لكل واحد لحديث عطاء عن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين مسكينا . رواه أبو داود ، وقال : عطاء لم يدرك أوسا . وروى الأثرم عن أبي هريرة في حديث المجامع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا ، فقال : خذه وتصدق به ولأنه إطعام واجب ، فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج كالفطرة . وجوابه : بأنه يحتمل أنه لم يجد سواه ولذلك لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله ، وفي المتفق عليه قريب من عشرين صاعا ، وليس ذلك مذهبا لأحد . ( ولا من الخبز ) إذا قلنا بإجزائه ( أقل من رطلين بالعراقي ) أي : مع عدم العلم بأنه مد ; لأن الغالب أن ذلك لا يبلغ مدا ; لأنه ثلاثة أسباع الدمشقي ، وهو به خمس أواق وسبع أوقية ، فإن كان من الشعير ، فلا يجزئ إلا ضعف ( إلا أن يعلم أنه مد ) من الحنطة فيجزئ ; لأنه الواجب . وظاهر ما سبق أنه لا يجب الأدم بل هو مستحب ، نص عليه . وعنه : أنه ذكر قول ابن عباس بأدمه ، وذكره الشيخ تقي الدين رواية وأنه لا يجب التمليك في قياس المذهب كزوجة ، وأن الأدم يجب إذا كان يطعمه أهله ( وإن أخرج القيمة ) لم يجزئه . نقلها الميموي ، والأثرم ، وهو قول الأكثر ، منهم عمر ، وابن عباس ; لأن الواجب هو الإطعام ، وإعطاء القيمة ليس بإطعام ، فهو باق في عهدة الواجب . ( أو غدى المساكين ، أو عشاهم لم يجزئه ) مطلقا في ظاهر المذهب لأن المنقول عن الصحابة إعطاؤهم ، ولحديث كعب في فدية الأذى ، [ ص: 69 ] ولأنه مال وجب للفقراء شرعا أشبه الزكاة . ( وعنه : يجزئه ) أما أولا فلأن المقصود دفع حاجة المسكين ، وهو يحصل بدفع القيمة ، وأما ثانيا فالإجزاء مشروط ، فإذا أطعمهم القدر الواجب لهم ، ولم يقل الشيخ تقي الدين بالواجب ، وهو ظاهر نقل أبي داود وغيره عنه ، فإنه قال : أشبعهم ، قال : ما أطعمهم ؛ قال : خبزا ولحما إن قدرت ، أو من أوسط طعامكم . وأطعمأنس في فدية الصيام ، قال أحمد : أطعم شيئا كثيرا ، فعلى المذهب لو قدم إليهم مدا ، وقال : هذا بينكم فقبلوه ، فإن قال بالسوية أجزأ ، وإلا فوجهان . وقال القاضي : إن علم أنه وصل إلى كل واحد قدر حقه أجزأ وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية