صفحة جزء
[ ص: 160 ] كتاب الرضاع

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وإذا حملت المرأة من رجل يثبت نسب ولدها منه فثاب لها لبن ، فأرضعت به طفلا صار ولدا لهما في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت المحرمية ، وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وصارا أبويه وآباؤهما أجداده وجداته ، وإخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته ، وإخوة الرجل وأخواته أعمامه وعماته


كتاب الرضاع

الرضاع بفتح الراء وكسرها مصدر رضع الثدي إذا مصه بفتح الضاد وكسرها ، قال ابن الأعرابي : الكسر أفصح ، وله سبع مصادر ، وقال المطرزي في شرحه : امرأة مرضع إذا كانت ترضع ولدها ساعة بعد ساعة ، وامرأة مرضعة إذا كان ثديها في في ولدها ، قالثعلب : ويدل عليه قوله تعالى : تذهل كل مرضعة عما أرضعت [ الحج : 2 ] وقيل : المرضعة الأم ، والمرضع التي معها صبي ترضعه ، والولد رضيع وراضع .

وشرعا : وصول لبن آدمية إلى جوف صغير حي ، وأولى منه مص لبن ثاب من حمل من ثدي امرأة ، أو شربه ونحوه ، وأصل التحريم ثابت بالإجماع ، وسنده قوله تعالى : وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة [ النساء : 23 ] والأحاديث شهيرة بذلك ، وقد ثبت تحريم الأم والأخت بالنص ، وتحريم البنت وغيرها ثبت بالسنة ، ولأنها إذا حرمت الأخت فالبنت أولى ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) قال النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد علي ابنة حمزة ، فقال : " إنها لا تحل لي ، إنها لابنة أخي من الرضاعة ، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " متفق عليه من حديث ابن عباس ، وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الرضاع يحرم ما تحرم الولادة متفق عليه ( وإذا حملت المرأة من رجل يثبت نسب ولدها منه ) أي : يكون لاحقا بالواطئ ، يحترز بذلك عن الولد المنفي باللعان ونحوه . ( فثاب لها لبن ) يخرج [ ص: 161 ] بذلك ما لو كان لها لبن من غيره ، فإنه لا يكون ولدا للرجل ; لأن اللبن ليس منه ( فأرضعت به طفلا صار ولدا لهما ) أي : للمرضعة بغير خلاف ، وكذا لمن ينسب الحمل إليه ( في تحريم النكاح ) لأن الله تعالى عطف الأم من الرضاع على المحرمات نكاحهن من النسب ( وإباحة النظر ، والخلوة ) لأن الأم من الرضاع محرمة على التأبيد ، أشبهت الأم من النسب ( وثبوت المحرمية ) لأنها فرع على التحريم إذا كان بسبب مباح ، وفي ذلك إشعار بأنه لا يصير ولدا في شيء من بقية أحكام النسب من النفقة ، والعتق ، ورد الشهادة ، وغير ذلك لأن النسب أقوى منه ، فلا يقاس عليه ( وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما ) لأنهم أولاد الطفل ، وهو ولدهما ( وصارا أبويه ) لأنه ولدهما ( وآباؤهما أجداده وجداته ) وجميع أقاربهما ينسبون إلى المرتضع كما ينسبون إلى ولدهما من النسب ; لأن اللبن الذي ثاب للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة ، فنشر التحريم إليهما ، ونشرت الحرمة إلى الرجل وإلى أقاربه ، وهو الذي يسمى لبن الفحل لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما سألته عن أفلح حين قال لها : أتحتجبين مني وأنا عمك ، فقالت : كيف ذلك ؛ فقال : أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي ، فقال : صدق أفلح ، ائذني له متفق عليه ولفظه للبخاري ، وسئل ابن عباس ، عن رجل له جاريتان فأرضعت إحداهما جارية ، والأخرى غلاما أيحل للغلام أن يتزوج الجارية ؛ فقال : لا . . اللقاح واحد . رواه مالك ، والترمذي ، وقال : هذا تفسير لبن الفحل ( وإخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته ) لأنه ولد أختهم ( وإخوه الرجل وأخواته أعمامه وعماته ) لأنه ولد أخيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية