صفحة جزء
وإن شهد أربعة ، فرجع أحدهم قبل الحد ، فلا شيء على الراجع ، ويحد الثلاثة . وإن كان رجوعه بعد الحكم ، فلا حد على الثلاثة ، ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه ، وإن شهد أربعة بالزنا بامرأة ، فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها ، ولا على الشهود ، نص عليه ، وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة ، فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة بها ، لم يحد المشهود عليه ، وهل يحد الشهود الأولون حد الزنا ؛ على روايتين . وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد ، لم تحد بذلك بمجرده .


( وإن شهد أربعة ، فرجع أحدهم قبل الحد ، فلا شيء على الراجع ، ويحد الثلاثة ) اختاره أبو بكر وابن حامد ، وجزم به في الوجيز ، [ ص: 81 ] لأن الراجع كالتائب قبل تنفيذ الحكم بقوله ، ولأن في درء الحد عنه تمكينا له من الرجوع الذي تحصل به مصلحة المشهود عليه ، وإنما حد الثلاثة لأن برجوع الراجع نقص عدد الشهود فوجب أن يحدوا ، كما لو كانوا في الابتداء كذلك . والثانية : يحد الجميع ، قدمها في المحرر لنقص العدد ، كما لو كانوا ثلاثة ، قال في المحرر : ويتخرج ألا يحد سوى الراجع إذا رجع بعد الحكم وقبل الحد ، ولو رجع الكل ، فهل يحدون ؛ على الروايتين في الواحد ( وإن كان رجوعه بعد الحكم ، فلا حد على الثلاثة ) لأن الشهادة كملت ، واتصل بها الحكم ، فلم يجب عليهم شيء لعدم كونهم قذفة ( ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه ) لأنه أقر على نفسه برجوعه أن التلف حصل بفعله وفعل غيره ، فيقبل على نفسه فقط ، وظاهره : أنه لا حد على الراجع أيضا ، ونقله أبو النصر ، لأنه تائب ، والمذهب أنه يحد ، وحده - إن ورث - حد القذف ، فإن كان رجما ضمن ربع المتلف بدية أو غيرها إن صرح بالخطأ ، وإن قال : عمدنا الكذب ليقتل ، قتل وحده ، وإن قال : عمدت ذلك وحدي ، فهل يلزمه قود ؛ على الروايتين في مشاركة العامد للمخطئ ( وإن شهد أربعة بالزنا بامرأة ، فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها ) لأن البكارة تثبت بشهادة النساء ، ووجودها يمنع من الزنا ظاهرا ، والشهود صدقهم محتمل ، فإنه يحتمل أنه وطئها ثم عادت عذرتها ، لكن ذكر في الشرح أنه يكتفى بشهادة واحدة ، لأن شهادتها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال ، ونقل أبو النصر في مسألة المجبوب : أن الشهود قذفة ، وقد أحرزوا ظهورهم ، فذكر له قول الشعبي : العذراء ؛ قال : عنه اختلاف ، فإن رجمه [ ص: 82 ] القاضي فالخطأ منه ، قلت : فترى في هذا ، أو في من شهد عليه بالزنا ، فلم يسأل القاضي عن إحصانه حتى رجمه ، أن الدية في بيت المال ، لأن الحاكم ليس عليه غرم ؛ قال : نعم ، وأطلق ابن رزين في مجبوب ونحوه قولين بخلاف العذراء ، وفي الشرح : إن شهد بأنها رتقاء ، أو ثبت أن الرجل مجبوب ، فينبغي أن يجب الحد على الشهود ، لأنه متيقن كذبهم ( ولا على الشهود ، نص عليه ) لأن صدقهم محتمل ، وفي الرعاية : ولا على الرجل ( وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة ، فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة بها لم يحد المشهود عليه ) لأن شهادة الآخرين تضمنت جرح الأولين ، وشهادة الآخرين تتطرق إليها التهمة ( وهل يحد الشهود الأولون حد الزنا ؛ على روايتين ) كذا في المحرر والفروع إحداهما : لا يجب الحد عليهم ، لأن الأولين قد جرحهم الآخرون بشهادتهم عليهم ، والآخرون تتطرق إليهم التهمة ، والثانية : يحدون لها ، اختارها أبو الخطاب ، لأن شهادة الآخرين صحيحة فيجب الحكم بها ، وعلى كلتيهما في حدهم للقذف روايتان : أشهرهما بأنهم يحدون ( وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد ، لم تحد بذلك بمجرده ) نقله الجماعة ، وذكر ابن هبيرة أنها الأظهر ، لكنها تسأل ، فإن ادعت أنها أكرهت ، أو وطئت بشبهة ، أو لم تعترف بالزنا ، لم تحد ، وهو قول الأكثر من العلماء ، وعن أحمد : بلى إن لم تدع شبهة ، وفي الوسيلة والمجموع رواية : ولو ادعت شبهة ، وأقوال الصحابة مختلفة في ذلك حتى بالغ بعض العلماء ، وقال : إن المرأة تحمل من غير [ ص: 83 ] وطء ، بأن تدخل ماء الرجل في فرجها ، ولهذا تصور حمل البكر ووجد .

مسألة : إذا شهد عليه بزنا قديم ، أو أقر به ، وجب عليه الحد ، لعموم الآية ، وكسائر الحقوق ، وقال ابن حامد : لا أقبل بينة على زنا قديم ، وأحده بالإقرار به ، وذكره ابن أبي موسى مذهبا لأحمد ، وهو مروي عن عمر ، لأن تأخير الشهادة إلى هذا الوقت يدل على التهمة ، وتقبل الشهادة به من غير مدع ، نص عليه لقضيةأبي بكرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية