صفحة جزء
وإذا ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه ، كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما ، فإن لم يقبلوا ، قيل : للخصم : حقق ما تدعيه ، ثم يحضره ، وإن بعدت المسافة .


( وإن ادعى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه ، كتب إلى ثقات من أهل ذلك الموضع ليتوسطوا بينهما ) نقول إذا استعدى على غائب في غير ولاية القاضي لم يكن له أن يعدي عليه . وإن كان في ولايته وله هناك خليفة ، فإن كانت له بينة ثبت له الحق عنده ، وكتب إلى خليفته ولم يحضره . وإن لم تكن له بينة حاضرة نفذ إلى خصمه ليحاكمه عند خليفته ، فإن لم يكن له خليفة كان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما ، وإن لم يكن فيه من يصلح بعث إلى ثقة يتوسط [ ص: 55 ] بينهما ; لأن ذلك طريق إلى قطع الخصومة ، مع عدم المشقة الحاصلة بالإحضار . ( فإن لم يقبلوا ) أي : إذا تعذر أو أبى الخصمان قبول ذلك . ( قيل للخصم : حقق ما تدعيه ) لأنه يجوز أن يكون ما يدعيه ليس بحق عنده ، كالشفعة للجار ، وقيمة الكلب ، فلا يكلف الحضور ، لما لا يقضى عليه به مع المشقة فيه ، بخلاف الحاضر . ( ثم يحضره ، وإن بعدت المسافة ) ذكره الأصحاب ، وهو المذهب ; لأنه لا بد من فصل الخصومة ، وقد تعين بذلك . وقيل : لدون مسافة القصر . وعنه : لدون يوم . جزم به في " التبصرة " وزاد : بلا مؤنة ومشقة .

وفي " الترغيب " : لا يحضره مع البعد حتى تتحرر دعواه . وفيه يتوقف إحضاره على سماع البينة ، إن كان مما لا يقضى فيه بالنكول .

قال : وذكر بعض أصحابنا لا يحضره مع البعد حتى يصح عنده ما ادعاه . تنبيه : إذا ادعى قبله شهادة لم تسمع ولم يعد عليه ولم يحلف ، خلافا للشيخ تقي الدين ، وهو ظاهر نقل صالح وحنبل .

ولو قال : أنا أعلمها ولا أؤديها . فظاهر ، ولو نكل لزمه ما ادعى به . إن قيل : كتمانها موجب لضمان ما تلف ، ولا يبعد ، كما يضمن من ترك الإطعام الواجب . وكونه لا يحصل المقصود لفسقه بكتمانه لا ينفي ضمانه في نفس الأمر . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية