صفحة جزء
فصل . ويصح استثناء ما دون النصف ، ولا يصح فيما زاد عليه . وفي استثناء النصف وجهان .


فصل .

( ويصح استثناء ما دون النصف ) نص عليه . ولا نعلم فيه خلافا ; لأنه لغة العرب . قال الله تعالى : فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما [ العنكبوت : 14 ] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : الشهيد تكفر عنه خطاياه كلها إلا الدين ؛ ولأن الاستثناء يمنع أن يدخل في الإقرار ما لولاه لدخل ، ولا يرفع ما ثبت ; لأنه لو ثبت بالإقرار شيء لم يقدر المقر على رفعه فيصح استثناء ما دون النصف . ( ولا يصح فيما زاد عليه ) أي : لا يصح استثناء الأكثر ، لا يختلف المذهب فيه . قاله في " الشرح " ، وصححه في " المحرر " و " الرعاية " ، وجزم به السامري وغيره ، وذكره ابن هبيرة عن أحمد وأبي يوسف وعبد الملك بن الماجشون ، وهو قول أهل اللغة .

وقيل : يصح ، وهو قول أكثر أهل العلم ; لقوله تعالى : [ ص: 330 ] فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين [ ص : 82 - 83 ] وهم أكثر .

وبدليل قوله تعالى : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [ يوسف : 103 ] ومنه قول الشاعر :

أدوا التي نقصت تسعين من مائة ثم ابعثوا حكما بالحق قواما

وكاستثناء الأقل ، وكالتخصيص . والجواب : أنه لم يرد في لسان العرب ، وقد أنكروه ، قال الزجاج : لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير .

ولو قال : مائة إلا تسعة وتسعين . لم يكن متكلما بالعربية .

ومعناه : قول القتيبي وغيره : وما احتجوا من التنزيل ، أجيب عنه بأنه استثناء المخلصين من بني آدم وهم أقل ، والغاوين من العباد وهم أقل ; لأن الملائكة كلهم طائعون . والبيت ليس فيه استثناء ، مع أن ابن فضال النحوي قال : هو بيت مصنوع ، لم يثبت عن العرب . ( وفي استثناء النصف وجهان ) وذكر أبو الفرج روايتين : إحداهما : أنه يصح ، وهو ظاهر الخرقي ، وصححه في " الرعاية " .

وذكر ابن هبيرة : أنه ظاهر المذهب ; لأنه ليس بالأكثر .

والثاني : لا ، وهو قول أبي بكر .

وذكر في " الشرح " وابن المنجا : أنه أولى ; لأنه لم يأت في لسانهم إلا في القليل من الكثير .

فرع : حكم الاستثناء بسائر أدواته حكم الاستثناء بإلا . [ ص: 331 ] فإذا قال : له علي عشرة سوى درهم ، لا يكون درهما ، أو غير درهم ، بفتح الراء ، كان مقرا بتسعة . وإن قال : غير درهم . بضم الراء وهو من أهل العربية كان مقرا بعشرة ; لأنها صفة للعشرة المقر بها ولا يكون استثناء .

وإن لم يكن من أهل العربية لزمه تسعة ; لأن الظاهر أنه يريد الاستثناء ، وإنما ضمها جهلا . ذكره في " الشرح " . وشرطه : أن يكون متصلا بالكلام .

وفي " الواضح " : لو كان منفصلا ، وهو أن يسكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ، ثم استثنى ، فهل تصح ؛ على روايتين .

أصحهما : لا .

والثانية : بلى ، كما لو تفاوت ما بينهما أو منعه مانع في تمام الكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية