صفحة جزء
ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة ، ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم ، وعنه : عليهم عشران يسقط أحدهما بالإسلام .


( ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة ) ، وكل أرض خراجية ، نص عليه للعموم ، فالخراج في رقبتها ، والعشر في غلتها ؛ ولأن سبب الخراج التمكين من النفع لوجوبه ، وإن لم يزرع ، وسبب العشر الزرع ، كأجرة المتجر مع زكاة التجارة ، ولأنها بسببين مختلفين لمستحقين ، فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد المملوك ، والحديث المروي : " لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم " . ضعيف جدا . قال ابن حبان : ليس هذا الحديث من كلام النبوة ، ثم يحمل على الخراج الذي هو الجزية ( ولو كان عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية ، وشرطه أن يكون لمسلم . قال أحمد : ليس في أرض أهل الذمة صدقة ، وظاهره أنهما لا يجتمعان في أرض الصلح .

تذنيب : الأرض الخراجية : ما فتح عنوة ، ولم تقسم ، وما جلا عنها أهلها خوفا منا ، وما صولحوا عليها على أنها لنا ، ونقرها معهم بالخراج ، والعشرية عند أحمد وأصحابه : ما أسلم أهلها عليها ، نقله حرب كالمدينة ونحوها ، وما اختطه المسلمون كالبصرة ، وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم كأرض اليمن ، وما فتح عنوة وقسم ، كنصف خيبر ، وما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إقطاع تمليك .

[ ص: 354 ] فرع : لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر ؛ لأنه من الأرض كنفقة زرعه ، ومتى لم يكن له سوى غلة الأرض ، وفيها ما لا زكاة فيه كالخضراوات ، جعل ما لا زكاة فيه في معاملة الخراج ؛ لأنه أحوط للفقراء ، ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ، ( ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ) في رواية ، وقالها الأكثر ؛ لأنها مال مسلم يجب الحق فيها للفقراء ، فلم يمنع من بيعها لذمي كالسائمة ، واقتصر جمع كالمؤلف على الجواز ، ومنهم من قال : يكره ، نص عليه ، وعنه : يمنعون من شرائها ، اختارها الخلال وصاحبه ، فعليها يصح ، جزم به الأصحاب ، وحكى أحمد عن الحسن وعمر بن عبد العزيز : يمنعون من الشراء ، فإن اشتروا ، لم يصح نقل عدم المنع ( ولا عشر عليهم ) ؛ لأنه زكاة ، فلا يجب على ذمي كالسائمة ، وذكر القاضي في " شرحه " الصغير أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر في إحدى الروايتين ، سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته وعلى المنع ( وعنه : عليهم عشران ) ؛ لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ، ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه ، وكان ضعف ما على المسلم ، كما يجب في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ضعف الزكاة ( يسقط أحدهما بالإسلام ) ، وكذا لو باعها مسلما ، فإنه يسقط عشر ، ويبقى عشر الزكاة للمستقبل ؛ لعموم الأخبار ، وقدم في " الفروع " أنهما يسقطان بالإسلام لسقوط جزية الرءوس وجزية الأرض ؛ وهو خراجها بالإسلام ، ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة ، وعنه : لا شيء عليهم ، قدمه بعضهم ، وعنه : عليهم عشر واحد ، ذكرها في " الخلاف " كما كان لتعلقه بالأرض كبقاء الخراج ، وظاهر ما سبق أنه يجوز إجارتها منه ، لكن يكره لإفضائه إلى [ ص: 355 ] إسقاط عشر الخارج منها ، وهذه الأرض لا تصير خراجية بما ذكرنا ؛ لأنها أرض عشر ، كما لو كان مشتريها مسلما ، ولا يجوز بقاء أرض بلا عشر ولا خراج بالاتفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية