صفحة جزء
[ ص: 357 ] فصل

في المعدن

ومن استخرج من المعدن نصابا من الأثمان ، أو ما قيمته نصاب من الجوهر والصفر والزئبق والقار والنفط والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ، ففيه الزكاة في الحال ربع العشر من قيمته ، أو من عينها إن كانت أثمانا ؛ سواء استخرجه في دفعة أو دفعات ، لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ، ولا يجوز إخراجها من عينها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ،


فصل

في المعدن

بكسر الدال سمي به لعدون ما أثبته الله فيه لإقامته يقال : عدن عدونا ، والمعدن : المكان الذي عدن فيه الجوهر ( ومن استخرج ) إذا كان من أهل الزكاة ، وترك البينة عليه لدلالة ما سبق ( من معدن ) سواء كان في أرض مملوكة أو مباحة ، ولو من داره ، نص عليه ، أو في موات خرب ، فإن أخرجه من أرض غيره ، فإن كان جاريا ، فكأرضه إن قلنا : هو على الإباحة ، وأنه يملك ، وإن قلنا : لا يملكه ، وأنه يملك بملك الأرض ، أو كان جامدا ، فهو لرب الأرض ، لكن لا يلزمه زكاته حتى يصل إلى بلده كالمغصوب ( نصابا من الأثمان ) فلعموم الأدلة ( أو ما قيمته نصاب ) من غير النقدين بقيمة أحدهما ؛ لأنهما قيم الأشياء ، وعنه : يجب فيما دون نصاب الأثمان ، ثم مثله بقوله ( من الجوهر ، والصفر ، والزئبق ، والقار ، والنفط ، والكحل ، والزرنيخ ، وسائر ما يسمى معدنا ) كالبلور ، والعقيق ، والحديد ، والكبريت ، والمغرة ، ونحوها ( ففيه الزكاة ) لقوله تعالى : أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض [ البقرة : 267 ] ، ولما روى ربيعة بن عبد الرحمن ، عن غير واحد : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية قال : فتلك لا يؤخذ منها إلا الزكاة [ ص: 358 ] إلى اليوم " رواه مالك ، وأبو داود ، ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوي القربى ، ففيه الزكاة لا الخمس كسائر الزكوات ، وظاهره وإن لم ينطبع من غير جنس الأرض ، وقد روي مرفوعا : " لا زكاة في حجر " إن صح فمحمول على الأحجار التي لا يرغب فيها عادة ، فدل أن الرخام معدن ، وجزم به جماعة ، قال الأصحاب : الطين مرغوب فيه ، فلا حق فيه ؛ ولأن الطين تراب ، ونقل مهنا : لم أسمع في معدن النار ، والنفط ، والكحل ، والزرنيخ شيئا ، قال بعضهم : وظاهره التوقف عن غير المنطبع ( في الحال ) لأهلها ؛ لأنه مال مستفاد من الأرض ، فلم يعتبر له حول كالزرع ( ربع العشر ) من عين أثمان أو ( من قيمته ) من غيرها ، وظاهره أنه يجب بظهوره ، جزم به في " الكافي " و " منتهى الغاية " وغيرهما ، كالثمرة ( سواء استخرجه من دفعة أو دفعات ، لم يترك العمل بينهما ترك إهمال ) ؛ لأنه لو اعتبر دفعة واحدة لأدى إلى عدم الوجوب فيه ؛ لأنه يبعد استخراج نصاب دفعة واحدة ، فإن أخرج دون نصاب ثم ترك العمل مهملا له ، أخرج دون نصاب ، فلا شيء فيهما ، وإن بلغا نصابا فعلى هذا لا أثر لتركه لمرض ، وسفر ، وصلاح آلة ، ونحوه مما جرت العادة به ، كالاستراحة ليلا أو نهارا ، أو لاشتغاله بنقل تراب خرج بين المثلين ، أو هرب عبيده ؛ لأن كل عرق يعتبر بنفسه ، وحد ابن المنجا الإهمال بترك العمل ثلاثة أيام إن لم يكن عذر ، وإن كان فبزواله .

مسألة : لا يضم جنس لآخر في تكميل النصاب غير نقد ، وقيل : بلى ، وقيل : مع تقاربهما كنار ونفط ، ومن أخرج نصابا من جنس من معادن ضم [ ص: 359 ] كالزرع في مكانين ( ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد السبك والتصفية ) ؛ لأنه قبل ذلك لا يتحقق إخراج الواجب ، فلم يجز كالحبوب ، فلو أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته ، رده إن كان تالفا ، ويقبل قول الآخذ في قدره ؛ لأنه غارم ، فإن صفاه الآخذ مكان الواجب أجزأ ، وإن زاد رد الفاضل إلا أن يتركه المخرج ، وإن نقص كمله ، ولا يحتسب بمؤنتهما في الأصح لمؤنة استخراجه ، فإن كان دينا عليه احتسب به على الصحيح ، كما يحتسب بما أنفق على الزرع ، وأطلق في " الكافي : " لا يحتسب به بكون الحصاد والزراعة ، وظاهره أنه يجزئ إخراج القيمة عن غيرها قبل السبك والتصفية ، وهو غير ظاهر .

مسألة : يجوز بيع تراب معدن وصاغة بغير جنسه ، نص عليه ، كعرض ؛ لأنه مستور بما هو من أصل الخلقة كالباقلاء في قشرته ، وعنه : لا كجنسه ، ونقل مهنا : لا في تراب صاغة ، وإن غيره أهون ، وزكاته على البائع لوجوبها عليه كبيع حب بعد صلاحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية