صفحة جزء
[ المسألة الأولى ]

[ في الأواني التي ينتبذ فيها ]

- فأما المسألة الأولى : فإنهم أجمعوا على جواز الانتباذ في الأسقية ، واختلفوا فيما سواها ، فروى ابن القاسم عن مالك أنه كره الانتباذ في الدباء والمزفت ولم يكره غير ذلك . وكره الثوري الانتباذ في الدباء [ ص: 391 ] والحنتم والنقير والمزفت . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا بأس بالانتباذ في جميع الظروف والأواني .

وسبب اختلافهم : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وذلك أنه ورد من طريق ابن عباس النهي عن الانتباذ في الأربع التي كرهها الثوري ، وهو حديث ثابت . وروى مالك عن ابن عمر في الموطأ : " أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الانتباذ في الدباء والمزفت " .

وجاء في حديث جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام من طريق شريك عن سماك أنه قال : " كنت نهيتكم أن تنبذوا في الدباء والحنتم والنقير والمزفت ، فانتبذوا ولا أحل مسكرا " . وحديث أبي سعيد الخدري الذي رواه مالك في الموطأ ، وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال : " كنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا ، وكل مسكر حرام " .

فمن رأى أن النهي المتقدم الذي نسخ إنما كان نهيا عن الانتباذ في هذه الأواني إذ لم يعلم هاهنا نهي متقدم غير ذلك قال : يجوز الانتباذ في كل شيء . ومن قال : إن النهي المتقدم الذي نسخ إنما كان نهيا عن الانتباذ مطلقا قال : بقي النهي عن الانتباذ في هذه الأواني .

فمن اعتمد في ذلك حديث ابن عمر قال بالآيتين المذكورتين فيه . ومن اعتمد في ذلك حديث ابن عباس قال بالأربعة ، لأنه يتضمن مزيدا ، والمعارضة بينه وبين حديث ابن عمر إنما هي من باب دليل الخطاب . وفي كتاب مسلم : النهي عن الانتباذ في الحنتم ، وفيه أنه رخص لهم فيه إذا كان غير مزفت .

التالي السابق


الخدمات العلمية