صفحة جزء
الركن الرابع .

[ مدة المساقاة ] .

وأما اشتراط الوقت في المساقاة : فهو صنفان : وقت هو مشترط في جواز المساقاة ، ووقت هو شرط في صحة العقد ، وهو المحدد لمدتها .

[ ص: 598 ] فأما الوقت المشترط في جواز عقدها : فإنهم اتفقوا على أنها تجوز قبل بدو الصلاح . واختلفوا في جواز ذلك بعد بدو الصلاح : فذهب الجمهور من القائلين بالمساقاة على أنه لا يجوز بعد الصلاح . وقال سحنون من أصحاب مالك : لا بأس بذلك . واختلف قول الشافعي في ذلك; فمرة قال : لا يجوز ، ومرة قال : يجوز ، وقد قيل عنه : إنها لا تجوز إذا خلق الثمر .

وعمدة الجمهور أن المساقاة ما بدا صلاحه من الثمر ليس فيه عمل ، ولا ضرورة داعية إلى المساقاة; إذ كان يجوز بيعه في ذلك الوقت . قالوا : وإنما هي إجارة إن وقعت .

وحجة من أجازها : أنه إذا جازت قبل أن يخلق الثمر فهي بعد بدو الصلاح أجوز ، ومن هنا لم تجز عندهم مساقاة البقول; لأنه يجوز بيعها ( أعني : عند الجمهور ) .

وأما الوقت الذي هو شرط في المساقاة ، فإن الجمهور على أنه لا يجوز يكون مجهولا ( أعني : مدة غير مؤقتة ) ، وأجاز طائفة أن يكون إلى مدة غير مؤقتة منهم أهل الظاهر .

وعمدة الجمهور : ما يدخل في ذلك من الغرر قياسا على الإجارة . وعمدة أهل الظاهر ما وقع في مرسل مالك من قوله صلى الله عليه وسلم : " أقركم ما أقركم الله " . وكره مالك المساقاة فيما طال من السنين ، وانقضاء السنين فيها هو بالجذ لا بالأهلة . وأما هل اللفظ شرط في هذا العقد ، فاختلفوا في ذلك : فذهب ابن القاسم إلى أن من شرط صحتها أن لا تنعقد إلا بلفظ المساقاة ، وأنه ليس تنعقد بلفظ الإجارة ، وبه قال الشافعي .

وقال غيرهم : تنعقد بلفظ الإجارة ، وهو قياس قول سحنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية