الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع الإعصار؟

كيف نتعامل مع الإعصار؟

كيف نتعامل مع الإعصار؟

أمام هذا الحدث العجيب والإعصار المخيف، الذي ضرب الجزيرة العربية، وأصاب السواحل الجنوبية منها، فعاشت العاصمة العمانية وما جاورها من مناطق حالة من الذعر والخوف والترقب، هذا الحدث الذي لم ير مثله الكثيرون من أبناء هذا البلد الطيب، الأمر الذي أربكهم وأذهلهم؛ حيث الرياح العاتية، والأمطار الشديدة الغزارة، والأودية والسيول الجارفة، وأمواج البحار العالية، فاجتمعت مياه السماء والأرض، فغمرت البيوت والمنازل ودمرت الطرق والمنشآت، وقطعت وسائل الاتصال والتنقل، وكل قد لزم بيته وداره واضع يده على قلبه وفؤاده، ليس له إلا اللجوء إلى الخالق سبحانه، فهو القادر المتصرف في الأمور والأحوال، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62).

هنا يعود الإنسان الكيس الفطن إلى رشده، ويتراجع عن غيه، ويتوب إلى ربه، توبة صادقة يعلمها خالقه المطلع على سرائره وخباياه.

ومما ينبغي التذكير به في مثل هذه الظروف والأحوال:

1- الاعتبار بقوة القوي العزيز الجبار سبحانه وتعالى، ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) (هود:66)، تلك القوة التي لا اعتبار معها لقوة البشر، مهما بلغوا وتمكنوا وملكوا، فالإعصار شيء بسيط يسير من قوة الله عز وجل، فقد ينسى الإنسان ربه، أو يتناسى مع تعلقه بالدنيا وأسبابها ومتعها، بل يتعلق بغير الله، فيقدمه في المحبة على محبة الخالق المعبود سبحانه، فتأتي هذه الآيات لتعالج الخلل (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) (البقرة:165).

2- أن الله هو المتصرف في الكون، فالملك ملكه والخلق خلقه، والعبيد عبيده، وكل شيء يحدث بقدره ومشيئته، وهو رحيم بالعباد، فهو الذي أنعم عليهم بنعمة الخلق، وقدر لهم الأرزاق، وأوجد لهم أسباب الحياة، وخلق الجنة مكرمة للطائعين، والنار عقوبة للظالمين، وأرسل رسله وأنزل كتبه لتقوم الحجة على عباده. وهذه الظواهر من الأعاصير وغيرها هي من آياته ورسله إلى عباده؛ ليخافوه ويرجعوا إليه: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (الاسراء:59).

3- تقوية الإيمان ولزوم التقوى، فكما أنهما سبيل إلى الخيرات والبركات، فضعفهما وفقدهما سبب للعذاب ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف : 96]

4- التوبة من المعاصي كلها، فكما أن المعاصي من أسباب حلول العذاب فالتوبة من أسباب رفعه ونيل الفلاح، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: من الآية31).

5- لزوم الدعاء والاستغفار (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (لأنفال:33).

6- معالجة الظلم الواقع بين العباد، ورد الحقوق لأصحابها، مما يكون سبيلا إلى التسامح والتصالح، وعودة الأمور إلى مجاريها بين المتخاصمين، وفي ذلك مصلحة للجميع.

7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو صمام أمان (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي.

تلك بعض الأمور الهامة، والإجراءات اللازمة وخاصة وقت المحن والشدائد، سائلين الله أن يحفظ المسلمين وبلادهم من كل سوء ومكروه، والحمد لله رب العالمين.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة