الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهمية الوقت وكيفية المحافظة عليه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بأن الوقت يمر بسرعة، ويمر يومي دون أي فائدة تذكر! أريد أن أقرأ القرآن، ولو جزءاً في اليوم، وأن أذاكر دروسي، وأقرأ عن ديني، وأن أنام مبكراً، ولكن لا أستطيع، يمر الوقت بسرعة كبيرة.

أرجوكم ساعدوني، كيف أحافظ على وقتي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم. كما نسأله جل وعلا أن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يبارك لك في وقتك، وأن يجعلك من المتميزات المتفوقات، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إنه مما لا شك فيه أن الوقت هو أغلى شيء في هذه الحياة؛ لأنه الشيء الوحيد الذي إذا ذهب لا يمكن أن يعود مرة أخرى، فالمال إذا ذهب من الممكن أن يعوضه الإنسان، وكذلك حتى إذا فقد الإنسان وظيفته فمن الممكن أن يجد وظيفة أخرى أفضل منها، وإذا فقد الإنسان مثلاً زوجته -أو فقدت المرأة زوجها- فقد يعوضه الله تبارك وتعالى أفضل مما فقد.

أما بالنسبة للوقت فإنه إذا ذهب لا يمكن أن يعود إلى يوم القيامة، ولذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من يوم جديد إلا وملكٌ ينادي: (يا ابن آدم! أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاعمل فيَّ خيراً فإنك لا تلقاني إلى يوم الوعيد).

قضية الوقت هي أهم قضية كما ذكرت، ولذلك قال بعض الحكماء: (الوقت هو الحياة) ويقال أيضاً: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)، والوقت هو العمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع) وذكر منها: (عن عمره فيما أفناه)، بل وذكر جزءاً من العمر وقال: (وعن شبابه فيما أبلاه) فهذا سوف يسأل الإنسان عنه يوم القيامة.
إذن ضرورة الاهتمام بالوقت مطلوبة، وأنه ينبغي على المسلم خاصة أن يحافظ على وقته بكل ما أوتي من قوة، بل يشتري وقته بأنفس ما لديه؛ لأن وقته هو رصيده عند الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة.

قضية تنظيم الوقت ليست بقضية جديدة، بل إنها شغلت بال الناس قديماً وحديثاً؛ لأن هذه الفترة الزمنية التي هي اليوم والليلة التي لا تتعدى الأربع وعشرين ساعة هي نفس الفترة الزمنية التي تحكم كل الناس في العالم، فالذين ينجزون إنجازات هائلة ورائعة يومهم هو أيضاً هو نفس اليوم أربع وعشرون ساعة، وكذلك أيضاً الذين يضيعون أوقاتهم هباءً منثوراً هم يفرطون أيضاً في نفس اليوم الذي هو أربع وعشرين ساعة، ولذلك سألوا أحد المبدعين الكبار من أصحاب رؤوس الأموال التي وصلت إلى المليارات: كيف حققت هذه الميزانية أو هذا الرصيد في هذا الوقت القصير من الزمن؟ قال: لأني أحافظ على وقتي أكثر من محافظتي على المال، فجاء الوقت بالمال وبقيت لي سعادتي وبقي لي تميزي، فالمحافظة على الوقت مهمة جدّاً، والناجحون حقيقة في أي مجال من مجالات الحياة نجد أن على رأس الأمور التي أدت إلى نجاحهم وتميزهم وتفوقهم المحافظة على الوقت.
كيف نحافظ على الوقت؟ .. بداية نحن بما أكرمنا الله تبارك وتعالى به من دين عظيم يعالج أمور الدنيا والآخرة معاً، وضع لنا النبي عليه الصلاة والسلام برنامجاً لحياة المسلم، فجعل اليوم يبدأ من صلاة الفجر، ولذا أقول حتى نحافظ على الوقت لابد أن تجتهدي للمحافظة على الصلاة في أول وقتها خاصة وأنك تنامين مبكراً كما ذكرت، فالنوم مبكراً يؤدي إلى أخذ قسط كبير من الراحة لهذه الأعضاء التي تعبت خلال فترة النهار، ولا بد من هذه الراحة لأن الله تبارك وتعالى هو الذي جعل الليل لباساً وجعل النهار معاشاً.

وامتنَّ الله تبارك وتعالى علينا بنعمة النوم؛ لأنه من أجل النعم التي يُكرم الله تبارك وتعالى بها عباده، فمحافظتك على صلاة الصبح في أول وقتها هذه بداية النجاح، ثم بعد المحافظة على صلاة الصبح وقراءة أذكار الصباح؛ لأن قراءة الأذكار تؤدي إلى ثبات القلب وإلى يقينه وإلى قوته، فكما أن النبات له غذاء فكذلك القلب له غذاء، فالنبات ينمو بالماء وينمو بالتربة وينمو بثاني أكسيد الكربون، وكذلك أيضاً القلب لا يقوى إلا بذكر الله تعالى، كما قال الله تبارك وتعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28].

محافظتك على أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، حتى وإن لم تكوني حافظة لها فمن الممكن أن تكون من أحد الكتيبات أو المطويات، ثم بعد ذلك تبدئين في برنامج حفظ القرآن أو قراءة القرآن؛ لأن وقت الصباح بعد الفجر مباشرة يكون الذكاء والذاكرة في أعلى درجاته، والقدرة على الحفظ في القمة، فنحرص على أن نجعل الوقت الذي يأتي بعد الفجر مباشرة للقرآن الكريم، سواء كان ذلك قراءة أو حفظاً.

بعد ذلك نبدأ في أخذ فكرة عن الدروس التي سوف يتم شرحها في نفس اليوم؛ لأن هذه توفر حوالي خمسة وعشرين بالمائة من درجات النجاح في خلال هذه الفترة البسيطة، وأنا لا أقصد الدروس الجديدة أن نذاكرها مذاكرة كما كانت قديمة، لا، وإنما أقصد أخذ فكرة عامة عن كل المواد التي سيتم شرحها في هذا اليوم، وقطعاً أنت لديك جدول الحصص، وتستطيعين أن تعرفي المواد التي عليك في كل يوم، وبالتالي تأخذين عنها فكرة عامة سريعة خلال هذه الفترة من الدقائق المعدودات.

بعد ذلك تبدئين في التوكل على الله وتناول طعام الإفطار ولبس ملابسك والمضي إلى المدرسة، وتحرصين في الصف أن تكوني في غاية الانتباه لشرح المعلمات؛ لأن هذا أيضاً من أهم عوامل النجاح.

بعد أن تعودي من المدرسة مباشرة عليك تناول الغداء ثم أخذ قسط من الراحة إذا كنت لم تصلي في المدرسة يمكن أن تصلي في البيت صلاة الظهر قبل النوم، وبعد ذلك تأخذين راحة إلى صلاة العصر أو مثلاً بعدها بقليل، ثم تقومين وأنت نشطة لتبدئي المذاكرة مرة أخرى، وإني لأنصح أن يكون هناك بجوارك مجموعة أوراق أو دفاتر خالية لتسجيل أهم المسائل والعنوانين الرئيسية في الكتاب حتى يسهل عليك الوصول إليها أو تذكرها في أثناء الاختبار.

بعد ذلك تبدئين في مراجعة الدروس وتبدئي بالأهم فالأهم أو بالأشد قبل الأخف؛ لأن ذهنك مازال مستريحاً ومازالت طاقته الاستيعابية عالية ولم يُجهد ولم يصبه نوع من الملل أو التعب، فتبدئين بالمواد الصعبة أول ما تبدئين في عملية المذاكرة.

بعد نهاية المذاكرة تأتيك صلاة المغرب، فصلاة المغرب أيضاً فاصل، تقومين تتحركين لصلاة المغرب، الوضوء والصلاة، هذا نوع من أنواع الرياضة المنشطة لأعضاء البدن، ثم بعد ذلك تعودين للمذاكرة مرة أخرى ما بين المغرب إلى العشاء، وبذلك تكونين قد تذاكرت في حدود ساعتين أو ثلاث، وإذا لم تتمكني من الانتهاء من مراجعة كل الدروس من الممكن أن تزيدي ساعة بعد صلاة العشاء.

بذلك بارك الله فيك تحافظين على مستواك الإيماني وتحافظين أيضاً على مستواك التعليمي بين قريناتك وزميلاتك في الصف.

إذا كان لديك شيء من الوقت بعد ذلك، فإني أنصح بقراءة كتب سهلة ومبسطة ولو على فراش النوم في السرير، يمكن تجعلي مثلاً كتاباً في التاريخ أو في السير أو أي مادة من المواد السهلة، تقرئينه وأنت في حالة استرخاء؛ لأن هذه من الأمور المهمة جدّاً أن هذا الوقت الضائع من الممكن أن يتحول إلى وقت مثمر.

عندما تشعرين بالنوم الشديد وعدم القدرة على التركيز تدخلين إلى فراشك بعد قراءة أذكار النوم والوضوء، والنوم على الشق الأيمن كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، وأنا واثق أننا إذا فعلنا ذلك فسوف تتحسن حالتك تماماً وسوف تكونين متميزة متفوقة، وبإذن الله تعالى سوف تنافسين على الصدارة في مجال الدراسة والتعليم، وتكونين متقدمة بإذن الله تعالى على صفك وعلى مدرستك، بل من الممكن مدارس الإمارة كلها بالكامل تكونين متفوقة عليها؛ لأن الله لا يضيع عمل عامل، وأن تكونين قد أديت الحق اللازم لله تعالى، واستعنت به على أداء الحق الآخر وهو حق نفسك، والله تبارك وتعالى يعين عباده ويأخذ بناصيتهم إلى الحق.

أسأل الله أن يفتح عليك وأن يوفقك لكل خير، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر منى

    اعجبنىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى

  • مصر لبتول محمد

    اعجبني وشكراااا جزيلااااااا

  • الجزائر مرحبا

    اعجبني لكن هو كبير شوي عليها معليش تقصروها

  • الإمارات أمنية

    أعجبتني وشكرا جزيلا

  • أمريكا مرام

    روووووعة هايل بزاف يهبل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً