الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لي منع أهل زوجي من دخول غرفتي؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

هذه أول استشارة لي فأنا لا أريد أن أشتكي، أو أستشير أحدًا - بعد الله - إلى من كانت له الخبرة في ذلك.

أنا متزوجة منذ سنتين، ولدي طفل عمره 4 أشهر – والحمد لله - وزوجي لا يعمل في نفس مديتنا، وعمله كالتالي: شهر معنا، وشهر في مدينة أخرى، ونسكن في شقة من طابقين يملكها أهل زوجي، وقام والده بإعطائنا الدور الأول، وهم يسكنون الدور الثاني، وفي الشهر الذي لا يكون زوجي معنا؛ فإني أذهب إلى بيت أهلي، وأعود إذا عاد زوجي وهكذا.

البيت يتكون من صالة، وغرفتين غرفة نومي التي أعتقد بأني أملك مفتاحها وحدي، وغرفة ما زالت فارغة، ومطبخ، وحمام - أكرمكم الله - والمشكلة أن أهل زوجي لديهم نسخة لمفتاح بيتي، ويقومون باستخدامه عند ذهابي إلى بيت أهلي؛ حيث تقوم أخت زوجي بعمل حفلات، وتستقبل صديقاتها، ويقوم إخوانه بنفس الشيء، ومشاهدة التلفاز، واستخدام الحمام، والمطبخ، وعندما آتي إلى بيتي؛ أجد بعض أغراض المطبخ مفقودة، وأغراض الحمام - أكرمكم الله - ويتغير ترتيب بعض الأشياء فيه، وقام أهله مؤخرًا بجعل الغرفة الأخرى مستودعًا مؤقتًا لهم إلى أن نقوم بتأثيثها.

والسؤال الذي أريده من الناحية الشرعية: هل يحق لي شرعًا المطالبة لهم بعدم دخول منزلي في غيابي؟ فأنا لا أريد أن أُسَبِّبَ مشاكل بين زوجي وأهله، فهم أيضًا جيدون معي- ولله الحمد - وإنما أريد أن أكون على بينة، فأنا لا أشعر بأنه منزلي أبدًا، ويحزنني ذلك. وزوجي يوافقهم على ذلك.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بك في موقعك، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبناءنا وبناتنا، ونسأل الله أن يلهمك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال قبل التصرف، فإنما شفاء العيِّ السؤال، وهذا يدل – ولله الحمد – على أنك عاقلة، ولن تندم من تستشير، وتستخير، وتتوجه إلى ربها القدير تبارك وتعالى.

وأعجبني، وأسعدني اعترافك بأن أهل الزوج طيبون معك في تعاملهم، وننصحك بالمحافظة على هذه الروح، ولن تستطيعي المحافظة على هذه الروح إلا بالتسامح، ونتمنى ألا تجعلي من الحبة قُبّة، وألا تقفي طويلاً أمام هذه المشاهد، فإن هذا أمر - خاصة مع موافقة الزوج – يدل على أنهم يأخذون الأمور ببساطة، فلا تعقدي الأمور، خاصة وغرفتك الخاصة مفتاحها بيدك، وأنت تملكين كل شيء فيها، ولو فرضنا أنهم فتحوا هذه الغرفة أيضًا ودخلوها، فأرجو ألا يكون الحديث من طرفك، بل ينبغي إذا كان هناك كلام أن يتكلم الأخ؛ لأن ما بينك وبين زوجك، وما بينك وبين أهل الزوج أكبر من مجرد كرسي في غير مكانه، أو حمام به أوراق مرمية أو نحو ذلك.

فالقضية أكبر من هذا بكثير، فحافظي على ما أنت عليه من الخير، ولا تتكلمي في مثل هذه الأمور، واعلمي أنه مهما فعلوا يمكن أن يأتي عامل بريالات زهيدة معدودة؛ ليُنظف البيت، ويُعيد الأمور إلى وضعها الصحيح، وقد تفعل ذلك خادمة، ولكن القلوب إذا تنافر وُدُّها مثل الزجاج يتكسر ولا يُجبر، ولعل هذا من عشمهم في أخيهم، أو من عشمهم في هذه العمارة التي يرونها عمارة زوجة أخ، فكثير من الناس لا يتعامل مع هذه الأمور بالحساسية التي تنظرين إليها، فتعوذي بالله من الشيطان، ولا تلتفتي لمثل هذه الأمور الصغيرة، واحرصي دائمًا على ترتيب البيت، وإذا حصل شيء بعد ذلك؛ فإن الزوج هو المسؤول عن إعادة الصيانة، وعن إعادة الترتيب، وعن شراء بعض الأشياء المفقودة، وإياك أن تتكلمي عن مفقودات، فإن الرسالة تصل إليهم على أنهم سُرّاق، وعلى أنهم غير أمينين، والشيطان ينتظر مثل هذه الفرصة.

أغراض المطبخ التي فُقدت يستطيع الزوج أن يشتري بديلاً عنها، أو يستطيع هو أن يُغلق الباب، ولكن أرجو ألا تُعلني ما في نفسك، وألا تعلني بمثل هذه المشاعر، وألا يكون من قِبلك أنت، ولذلك نحن نريد أن نقول: الأمر في هذا واسع من الناحية الشرعية، والكمال هو: ألا تتكلمي، وألا تسألي؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يعيش مع الناس إلا بكثير من التسامح عن مثل هذه الأمور الصغيرة.

واعلمي أن ليس كل حق شرعي وحق للإنسان أن يُطالب به، فإن الإنسان يترك أمورًا ليكسب ما هو أكبر، ليكسب القلوب، ليكسب محبة الناس، ليطمئن في بيته، وسيأتي اليوم الذي يتكلم فيه هذا الزوج مع إخوانه، ومع أهله، وهذا هو المنطق الصحيح المطلوب، أما أنت فلا ننصح أبدًا بالكلام عن مثل هذه الأمور، مهما فُقد؛ فإن الزوج عليه أن يعوض، وعليه أن يأتي بالجديد.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر فرحنا وسعادتنا بحرصك على السؤال قبل التصرف، فكوني حكيمة، واعلمي أن الحياة تحتاج إلى صبر ومداراة، خاصة وأنتم في بدايات الطريق، ونسأل الله لك ولزوجك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية اجمل احساس

    ماشاء الله عليكي انك ذكيه اهب أنتي مره
    ذكيه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً