الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفسي غلبتني كثيرًا وأريد التوبة النصوح.. فكيف ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته

أريد أن أتوب توبة نصوحة لله، توبة لا رجعة فيها للمعاصي، أريد أن أكون مسلمًا محافظًا على صلواتي، أريد أن أهدى للطريق الصحيح؛ لأني ضائع، ونفسي غلبتني كثيرًا ...

كيف أدعو ربي بأن يغفر لي ذنوبي ومعاصي؟ أريد أن أتوب لله مهما كان الشيء الذي سأفعله، وكيف لي أن أتخلص من المشاكل النفسية التي تراودني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ bentarfa ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإني أحب أن أبشرك بأنه كما أنك تشتاق إلى التوبة النصوح محبة في الله تعالى وحياءً منه، فاعلم أن الله جل جلاله يُحبك، ويحرص على أن تقْرُبَ منه ليقْرَبَ منك، وسبحانه وتعالى جل جلاله إن تقربتَ إليه شبرًا تقربَ إليك ذراعًا، وإن تقربت منه ذراعًا تقرب منك باعًا، وهو أسرع إليك من سرعتك أنت إليه، رغم أنه الغني عنك، وأنك عبدٌ من عباده.

فأبشر بأن هذه المشاريع الطيبة التي عقدت العزم عليها هي مشاريع محببة إلى الله تبارك وتعالى، والله جل جلاله يحتفي بها ويفرح بها فرحًا عظيمًا، كما أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم – .

فاستعن بالله، وابدأ أول خطوة على الطريق الصحيح، وأول خطوة هي حصر المعاصي التي تقع فيها أولاً، ما هي الذنوب والمعاصي التي تقترفها؟ ثانيًا: ما هي الكبائر منها والصغائر؟ ثالثًا: تأخذ قرارًا بالتخلص منها فورًا، وعدم التراخي أو التقاعس في ذلك، لأنك لا تدري ماذا سيأتيك غدًا، ولذلك الله تبارك وتعالى أمرنا بالمسارعة إليه فقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} فيجب عليك الإسراع في أقرب مدة ممكنة من الزمن، بأن تأخذ قرارًا بالتوقف عن جميع المعاصي والآثام التي تقع منك الآن.

اعمل لها حصرًا – كما ذكرت لك – في ورقة واكتب عليها المعاصي التي تتوقع أنك تفعلها أو تمارسها، وكلما تذكرتَ ذنبًا اكتبه، ثم بعد ذلك ابدأ – كما ذكرت لك – بخطوة أخذ القرار القوي والشجاع والجريء، وهو التوقف عن هذه المعاصي كلها، صغيرها وكبيرها؛ لأن المعاصي بالنسبة لله تعالى معاصي، لا فرق ما بين صغيرٍ وكبير.

هذه أول مسألة ينبغي عليك أن تقوم بها بعد حصر المعاصي؛ إذًا رقم واحد: حصر المعاصي، وثانيًا: أخذ القرار بالتوقف عنها والتوبة إلى الله تبارك وتعالى منها، والتوبة تكون بتوافر أركان ثلاثة:
الأمر الأول: ترك المعصية فورًا.
والأمر الثاني: الندم على فعل هذه المعصية.
والأمر الثالث: عقد العزم على ألا تعود إليها أبدًا.

هذا فيما يتعلق بالمعاصي المتعلقة بحق الله جل وعلا، أما إذا كانت المعصية تتعلق بحق عبد من عباد الله تعالى كأكل مال الناس بالباطل (مثلاً)، أو سرقة بعض الأموال وغير ذلك، فتحتاج لهذه الأمور الثلاثة، وتزيدها أمرًا رابعًا، وهو رد المظالم إلى أصحابها، وهذه المظالم بعضها قابل للرد كالحقوق المالية، وبعضها يتعذر رده كالأمور في الأعراض، وهذه تتوب إلى الله تبارك وتعالى منها، وتترك الأمر لله سبحانه وتعالى.

ابحث - بارك الله فيك – عن صحبة صالحة تقضي معها معظم أوقات فراغك، إذا لم تجد صحبة صالحة معينة لك على الطاعة، فاصحب العلماء بمراجعة كتبهم، خاصة فيما يتعلق بكتاب (صفة الصفوة) لابن الجوزي، كذلك كتاب (الحلية) لأبي نُعيم، كذلك كتاب (سير أعلام النبلاء) هذه كتب حوتْ لنا سير شخصيات عظيمة تركتْ بصمة على جبين التاريخ، منهم من كان عاصيًا بل من عصيانه حدًّا لا يُوصف، ثم مَنَّ الله عز وجل بالتوبة والاستقامة فأصبح من كبار العُبَّاد ومن كبار العلماء ومن كبار المجاهدين في سبيل الله تعالى.

إذًا اصحب الصالحين، وحاول أن تُكثر من الجلوس معهم، إذا لم تجدهم على أرض الواقع، فاصحبهم في كتبهم، فإنك سوف تستفيد من ذلك فائدة عظيمة.

حافظ على الصلوات في أوقاتها (يا ولدي)، وحافظ على أذكار ما بعد الصلاة، حافظ على أذكار الصباح والمساء، اجعل لك وردًا من القرآن الكريم يوميًا - ولا تتوقف عن ذلك - ولو صفحة واحدة، أكثر من الاستغفار، وأكثر من التوبة.

إن استطعت أن تُكثر من صيام النوافل - بما أنك شاب – فذلك حسن، لأن هذه جُنَّة من النار كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام -.

إن كانت لك القدرة على التصدق ولو بفلسٍ كل يومٍ فذلك حسنٌ أيضًا. اجعل لسانك رطبًا بذكر الله دائمًا، وأكثر من الصلاة على النبي محمد المصطفى - عليه الصلاة والسلام – وتضرع إلى الله تبارك وتعالى، وألح عليه أن يقبل منك توبتك، وأن يصلح حالك، وأن ييسر أمرك، واطلب الدعاء من والديك ومن الصالحين، وأبشر بكل خيرٍ وفضلٍ ومغفرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليمن امجد مسيعد

    شكرن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً