الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبدل حالي فصرت أخاف من الموت وأتوهمه دائماً

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر 17 سنة، أشكو من حالة نفسية، الوسواس والتوتر والخوف من الموت، والخوف المرضي الخطير الذي يؤدي إلى الموت.

حالتي باختصار إذا سمعت مثلاً بخبر موت أسأل الناس ما هي أسباب الموت للشخص ذاك؟ أي سبب يقولونه لي آخذه في نفسي وأتخيل أن هذه الأسباب ستأتيني وسأموت بنفس طريقة الشخص هذا! تغيرت كثيراً عن الماضي، وأصبحت لا أذهب إلى المدرسة كثيراً، وأتغيب عن المدرسة.

علماً أني في الماضي كانت شخصيتي قوية جداً، وما كنت أهاب الموت في حياتي، والكل يعرفني بشخصيتي القوية، حتى إني كنت من قوة شخصيتي لا أخاف من الجان والأماكن المهجورة، وأدخل الأماكن التي يخاف منها الناس ويعتقدون أنه يوجد بها جن وأشياء مخيفة، وكان قلبي قوياً جداً، وكان آخر تفكيري واهتمامي بالموت، وما كنت أخاف منه أبداً، ومعروف أن شخصيتي قوية، وبعض الناس كانوا يخافون مني شخصياً من قوة شخصيتي.

أما الآن فالحال انقلب رأساً على عقب، سبحان مغير الأحوال، كيف كنت وكيف صرت الآن؟! أنا الآن شخصياً أخاف من كل شيء، من قلق مرضي أو من وفاة مباشرة، كلها تشغل تفكيري، وأشعر بشد في عضلات القلب أول ما جاءتني هذه الحالة النفسية ذهبت إلى المستشفى وعملت تخطيط قلب وفحوصات، وأشياء كثيرة قالوا: إني سليم عضوياً، ولا أعاني من أي شيء، عرفت تلقائياً أنها مشكلة نفسية وليست عضوية.

لي 8 شهور، وأنا أفكر في الموت، وأظن أنه يلاحق تفكيري، حتى في الصلاة يلاحقني وسواس الموت الطاغي، إن حياتي تغيرت 180 درجة عن حياتي القبلية.

أصدقائي متفاجئون من حالتي النفسية! حتى إنهم يقولون: كيف كنت وكيف صرت؟! حياتي كلها هموم وكوابيس، وخوف وأفكار طاغية ووسواس دائم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أنت في الأصل - أيها الفاضل الكريم – لديك قلق نفسي، وهذا جليٌّ جدًّا من رسالتك التي أرسلتها في الاستشارة (2257242)، والآن أنت تُعبِّرُ بصورة جليَّةٍ عمَّا نسميه بلقلق المخاوف الوسواسي، وخوفك موجَّهٌ نحو الموت، وأقول لك: إن المراحل العمرية في بعض الأحيان تحدث فيها هشاشة نفسية، أنت في فترة ما بعد البلوغ، فترة بدايات الشباب، وفيها يُعرف أن الإنسان قد تأتيه بعض المتغيرات النفسية والوجدانية والهرمونية، وحتى الجسدية، وإن شاء الله تعالى هذه الحالات عابرة ومؤقتة.

أنت كما تفضلت معروف بقوة شخصيتك، وها أنت الآن تواجه هذه الأعراض، هذا أمرٌ طبيعي يحدث - أيها الفاضل الكريم – ووجود هذه الأعراض لا يعني أنك شخص جبان، لا، ولا أنك شخص قليل الإيمان أبدًا، المخاوف هي علة ومكوِّن نفسي مكتسب، والإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود ولكنه يخاف من القطط، فلا تلومنَّ نفسك أبدًا، ولا تضع نفسك في موقف المحتار من أعراضه، هي معروفة لدينا في علوم النفس والسلوك، وإن شاء الله تعالى – كما ذكرتُ لك – هي عابرة، وسوف تتجاوزها.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لموضوع الخوف من الموت، فكِّر فيه وقل: (أنا أخاف من الموت خوفًا شرعيًا، وليس خوفًا مرضيًا) الخوف الشرعي يجعل الإنسان يحرص على عباداته ودينه ويعمل لآخرته.

حقّر فكرة الخوف المرضي، وذلك بأن تتذكر وبصورة جليَّة أن الأعمار بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقص فيه لحظة واحدة، وحين تأتيك مثل هذه الفكرة – فكرة الخوف من الموت – بهذه الكيفية المرضية قل لها: (أنت فكرة وسواسية خبيثة، أنا -الحمدُ لله تعالى- بخير وعلى خير، وأمر حياتي وموتي هو بيد الله تعالى).

عليك أن تستمتع بحياتك، أن تدرس، أن تتميز، أن تصرف انتباهك عن كل هذا الذي أنت فيه، يجب أن تكون على نفس الشكيمة والجدية والحرص فيما يتعلق باكتساب العلم والمعرفة، لا تتقاعس أبدًا، لا تنقاد بمشاعرك السلبية أو أفكارك المشوَّشة، انقاد بأفعالك وبإنجازاتك.

بجانب الدراسة، برَّ الوالدين يجب أن يكون شيئًا أصيلاً في حياتك، هذا يُلبس عليك ثوبًا من الطمأنينة. نم مبكرًا، واستيقظ وصل الفجر مبكرًا، وابدأ وذاكر لمدة ساعة قبل الذهاب إلى المدرسة، هذه بدايات عظيمة إذا التزم بها الإنسان يتحسَّنُ كثيرًا.

الرياضة لا بد أن تكون جزءًا في حياتك، وأرجو أن تتبع ما ذكرته لك، وإن شاء الله تعالى، تكون أحوالك بخير وخير كثير.

في ظرف شهرين إذا ظلَّت معك الأعراض بنفس الحِدة والشدة فأنا أقول لك: لا بد أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسية، وقطعًا عقار (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) أو عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) سوف تكون هي الأفضل، لكن لا تتناول أي دواء لوحدك دون استشارة الطبيب النفسي أو طبيب الرعاية الصحية الأولية، ولا دون إذن والديك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً