الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتّكل على الآخرين في إنجاز عملي؛ لأني أعاني من عدم الثقة بالنفس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، عمري 35 سنة، أعاني من نقص في الثقة بالنفس، وكثيرا ما أستعين بأشخاص آخرين لإنجاز عملي لأني لا أثق بقدراتي! وتركيزي مشوش أو معدوم في عملي، وحياتي اليومية مصحوبة بالنسيان.

أيضا أعاني من الخجل السلبي بحيث أني أخجل أن أطالب باسترجاع ما هو لي وأتركه حتى ولو كان ثمينا، أيضا لا أستطيع أن أعبّر عن ما في نفسي أو توصيل فكرة معينة، أي أن التعبير يخونني في توصيل الفكرة سواء كان في نقاش عمل أو خارج العمل، أيضا في الاجتماعات في عملي أو في (الكونفرنس) مع مدرائي أكون مستح وغير واثق من نفسي، وأقول في نفسي يمكن أن يحصل كذا أو كذا، لذلك أتهرب كي لا أحرج من أحد، لأني في نفس الوقت حساس، وإذا أحرجت من أي شخص في الاجتماع قد يصل بي الحال أن أقدم استقالتي ليس لشيء إنما للتهرب من الواقع وعدم القدرة على المواجهة.

ودائما ألوم نفسي على أشياء لا يحتاج الشخص أن يلوم نفسه عليها، الخوف غير المبرر الذي سيطر على مخيلتي، مثلا قد يكون لدي شيء يخصني إذا استولى عليه شخص آخر أغضب في نفسي وأشتعل بركانا، ولكني لا أستطيع الذهاب لاسترجاع ما هو لي، حيث أني أفكر في نفسي إذا ذهبت قد يحصل لي مكروه من هذا الشخص، أو ردة فعله فأترك ما يخصني وأبدأ في لوم نفسي، وأفكر بأفكار سلبية دون أن أفعل أي شيء عملي.

دائما أحاول أن أكون شخصا مثاليا أو شخصا كاملا، والكمال لله عز وجل.

ملاحظة: أنا شخص اجتماعي وغير انطوائي، وأحب المزاح كثيرا، فقط ينقصني أن أخرج من هذه المشكلات المرضية.

أيضا أشعر أن لدي طاقات إيجابية واسعة جدا بحاجة لإخراجها في حياتي وعملي.

أرجو المساعدة بعلاج يخرجني من هذا الظلام، ويفضل أن يكون علاجا دوائيا.

وجزاكم الله عنا خير الجزاء، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باسل حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل مع بما في نفسك وفي حياتك، ولا شك أنها كانت معاناة شديدة، أعانك الله وخفف عنك، وأعانك لتخرج نفسك من هذا الحال.

من الواضح أن لديك طاقات وإمكانات كثيرة، إلا أنك لا تضعها موضع التطبيق، فمن الواضح ولزمن طويل أنك تأخذ طريق الهروب والانسحاب والاستقالة والابتعاد، وهذه كلمات تكرر معناها في رسالتك، والتغيير يحتاج لنقطة جوهرية عنوانها (لا فرار أو انسحاب بعد اليوم).

ومن الأسباب الرئيسية لانسحابك ومعاناتك أن عندك ما نسميه نزعة الكمال والمثالية، فأنت يبدو أنك لا تقبل بأنصاف الحلول، والحياة كما تعلم لا تحتوي دوما على الأمور الكاملة، وكما ذكرت أنت أن الكمال لله تعالى.

تذكر بأنه لا يوجد إنسان "كامل" فكل واحد يمكن أن يرتكب أخطاء، وحاول أن تتعلم بعض الدروس من أخطائك، وتجنب الميل للكمال، وأن تكون كلها أفضل ما يمكن، فأحيانا لا بد أن نقبل بما هو أقل مما هو الأفضل.

وقد أشرت في رسالتك لضعف الثقة بالنفس، وطبعا كما تعلم ليس هناك إنسان ثقته بنفسه 100%، وإنما يختلف الأمر من شخص لآخر، وحتى عند نفس الشخص قد يختلف الأمر من وقت لآخر، فالشخص العادي والذي ثقته بنفسه لا بأس بها قد يشعر بالتردد وضعف الثقة بالنفس نوعا ما عندما يكون أمام تحدٍ جديد.

هناك خطوات كثيرة يمكن أن تبني ثقة الشخص في نفسه، واطمئن فأنت بمجرد الكتابة إلينا قد قمت بالخطوة الأولى، وهو أن يشعر الإنسان أو يقرّ بأنه يحتاج لرفع الثقة بالنفس.

ومما يعزز الثقة بالنفس كثيرا موضوع تعزيز إيجابياتك ونجاحاتك المختلفة في الحياة، فتعرف على نقاط القوة عندك وافتخر بها. هل أنت تتقن بعض الأعمال؟ وهل تحب اللغات مثلا؟ أو هل تمتلك الروح المرحة؟ وهل تتقن هواية فنية من الهوايات؟

اشكر الله تعالى دائما على النعم التي أنعم بها عليك، فالشكر على النعم يزيد ثقتك بنفسك (لئن شكرتم لأزيدنكم).

حاول أن تؤكد الإيجابية مع نفسك ومع الآخرين، وانظر لنصف الكأس الممتلئ، ولا تنظر فقط للنصف الفارغ، وإن تقديرك لما عند الآخرين يعزز ثقتك في نفسك، وساعد الآخرين فيما يحتاجون إليه، وهذا من أكبر أبواب زيادة الثقة بالنفس.

حاول عدم الانسحاب والهروب، وإنما عبّر عن رأيك في الأمور، وإذا رأيت التمسك بهذا الرأي فلا مانع من هذا.

وحتى في بعض لحظات الضعف أمام الآخرين لا بأس أن تتصنع أو تتظاهر بالثقة في النفس، فهذا لن يضرك، وإنما يعطيك الشجاعة والثقة، تصرف وكأنك أكثر شاب ثقة بنفسه، ولماذا لا؟ وكل الناس يفعله، فتظن أن ثقتهم بأنفسهم عظيمة! وتذكر بأن النجاح يؤدي للنجاح، والثقة القليلة بالنفس يمكن أن تزيد من هذه الثقة، وهكذا.

وفقك الله، وشرح صدرك للتغيير الذي تريد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً