الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف الشديد عند الذهاب لأماكن بعيدة، فهل من علاج لذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، منذ سنة ذهبت مع والدي إلى سوق بعيد, وبعد خمس دقائق من ركوبي السيارة أحسست بخوف شديد، واختناق، وسرعة دقات قلبي، وأحسست أنني لا أستطيع مواصلة الطريق، فكذبت على والدي وأخبرته أن معدتي تؤلمني لكي أرجع للمنزل، فرجعنا للمنزل، وعندها أحسست بالراحة.

منذ ذلك اليوم وأنا أخاف الذهاب بالسيارة لمسافات بعيدة، وفي كل مرة أخرج بها مع أصدقائي أشعر بالأعراض السابقة، وأشعر بنقص الأكسجين، وأحاول فتح نافذة السيارة لكي أهدأ قليلاً، حتى أصبحت أتجنب الخروج من المنزل لمسافات بعيدة، وأرجع للبيت بعد منتصف الطريق، وهذا يحرجني كثيرا.

ذات مرة حاولت الخروج لمكان بعيد في بداية الطريق، كان شعورا مرعبا جداً، لكنني تحملت بصعوبة وبقوة، حتى وصلت للمكان الذي أريده، وشعرت بسعادة وطمأنينة كأنني فعلت إنجازا كبيرا.

أصبحت حياتي كلها خوف حين يطلب شخص مني الذهاب معه لأي مكان بعيد، فدائما أرفض الخروج معه لكي لا أحرجه بشيء، وأضطر للرجوع في منتصف الطريق، ويصبح يومي مخيفاً، ولا أستطيع النوم ليلاً، وأظل أفكر بذلك طوال الليل، فهل هناك احتمال حدوث اختناق أو الموت إذا عادت لي الحالة ذاتها، وهل هناك علاج لحالتي دون أدوية؟

فلا أريد الاعتماد على الأدوية، وهل من سلوكيات يجب فعلها للتخفيف من الحالة؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعاني من رهاب الخروج أو الفوبيا، وهذه فوبيا ظاهرة، وتحدث لك عندما تخرج لمسافات بعيدة من البيت، تحسّ بضيق وتوتر، وعندما ترجع إلى المنزل تختفي هذه الأشياء، فهذه فوبيا أو رهاب الخروج إلى مسافات بعيدة.

العلاج -أخي الكريم- في الأصل يمكن أن يكون علاجًا دوائيًا، وعلاجًا سلوكيًا معرفيًا، والعلاج السلوكي المعرفي الذي كان يُطبق في السابق هو ما يسمى بالإغراق، أي وضعك في الشيء الذي يجلب الرهاب بالقوة، ويقال إنه تدريجيًا سوف يختفي هذا الخوف، ولا يؤدي إلى وفاة، ولا يؤدي إلى أي شيء، ولكن طبعًا يؤدي إلى ضيق شديد وتوتر، والآن صار العلاج الأمثل في العلاج السلوكي المعرفي أن يتم هذا بالتدرُّج، ويمكنك أن تقوم به بنفسك، أي تبدأ بالخروج من المنزل إلى مسافة معيَّنة، حتى يظهر الضيق، ثم ترجع إلى المنزل، ثم تزيد المسافة تدريجيًا حتى تتحكَّم في الضيق بعد فترة، أي تبدأ بمسافة بسيطة ثم تزيد المسافة تدريجيًا، وبالتالي يقل الضيق عندك، وتزيد المسافة بالتدريج، أي الحكم هو عند ظهور الضيق ترجع وتزيد المسافة أبعد نسبيًا حتى لا يظهر الضيق، وبالتالي يمكن التغلب على الرهاب بالتدرُّج، ويستحسن لو تمَّ هذا عن طريق معالج، إذ المعالج سيشرف على العلاج ويتابعك ويُقدِّر المسافة بالضبط، وحتى يعلِّمك طريقة الاسترخاء عند ظهور الضيق والقلق، لكي لا تهرب وترجع مرة أخرى.

هذه هي المواجهة المتدرِّجة المنضبطة، ويتم هذا بمحاولات -كما قلتُ- وجلسات نفسية، ويستحسن أن تكون عن طريق معالج نفسي، ولكن إذا تعذّر ذلك فيمكنك تطبيقها بنفسك كما حاولنا شرحها لك.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ابوسعد

    سبحان الله كانت عندي نفس المشكلة
    وكنت مريض اذا طال الطريق اشعر بخوف ويبداء قلبي بالخفقات السريعه
    وافقد التركيز والحمد لله شافني الله
    انصحك بالصلاة و بالدعاء اخر الليل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً