الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلفت مع خطيبتي في موضوع الغيرة..فمن له الحق منا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطبت فتاة منذ أربعة سنوات، وما زلنا مخطوبين إلى الآن، وذلك لأني ما زلت أكمل دراستي الجامعية، وكان شرط والدها لكي نتزوج إتمام دراستي وتخرجي.

هناك اختلافات بيني وبين خطيبتي، وأنا لا أجد حرجاً في تفهم ذلك والتعايش، ولكن هناك قناعات عند خطيبتي تختلف كلياً عن قناعاتي، من ذلك موضوع الغيرة، هي لا تجد أنه يجب على الزوج أن يغار على زوجته، واشترطت علي أن لا أتدخل أبداً بخصوصياتها، مثل لباسها أو خروجها أو عملها.

علماً بأنها تلتزم بالحجاب والزي الشرعي، أنا أشعر بغيرة عندما تختلط بأقاربنا من الرجال، أو عندما تتزين أو تتجمل ويراها أحد الرجال في حفلة أو مناسبة، مع أنها تلتزم بالحجاب في ذلك، تحدث بيني وبينها خلافات على هذه الأمور، هل غيرتي صحيحة؟ هل يحق لها أن تطلب عدم تدخلي في شؤونها الخاصة؟

أشيروا علي جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك -أخي العزيز- جميل ثقتك، وحسن ظنك، وتواصلك مع الموقع، وحرصك على تحري الشرع في المشكلات الاجتماعية، وفقنا الله وإياك لكل خير.

لا يخفاك أن معيار الزواج الصالح لتحقيق مقاصد النكاح الشرعية المتمثلة في تحصيل السكن النفسي والمودة والرحمة، كما قال تعالى: (أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، هو بتحلي الزوجة بحسن الدين والخلق، لقوله تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)، ولما جاء في الصحيحين من قوله -صلى الله عليه وسلم- : (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

من الخطأ البيّن -أخي العزيز حفظك الله- تأخير مدّة الخطوبة مع عدم الاتفاق على وضوح وكمال الشروط بينكما؛ إلا أنه يمكنك تدارك الأمر ببيان حق قوامتك عليها بتدخلك فيما يكفله لك الشرع من التدخل في خصوصياتها من لباس وخروج وعمل ونحوه، إضافة إلى تفريطها بتزينها بحضرة الأجانب وغيرتك الشرعية عليها، ولا شك أن رفض خطيبتك -أصلحها الله- لذلك يتعارض مع حقوقك الشرعية وغيرتك الدينية الموافقة للشرع الحنيف والفطرة السليمة، والغيرة عند الرجل قوة روحية تسهم في حراسة الفضيلة وحماية المحارم، والشرف والعفاف، وكل أمة -كما قيل- وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها، وفي الصحيحين: (إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله عليه).

لذلك فإن عدم وضوح هذا الشرط لديها واستعدادها لقبوله سيكون مجال خلافات ومتاعب تعيق العشرة والسعادة الزوجية المبنية على قوله تعالى: (أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وقد يؤثر على كمال دينك وسمعتك وعلاقتك الأسرية وصحتك النفسية، وقد رغّب الشرع في الزواج من المرأة الودود العؤود، في قوله -صلى الله عليه وسلم- : (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا ظُلمت -بضم الظاء- قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى) وحسّنه الألباني، وربما اشتراطها عدم تدخلك بخصوصياتها يتنافى مع كمال الأنوثة والرقّة والطاعة، فكان مثار مشكلات، والله أعلم.

لذلك فإني أنصحك بالتريّث في الاقتران بها أو رفضها، والحرص والتحري بمزيد السؤال والاستشارة عن دينها وخلقها، ومحاورتها بالحجّة والعقل والحكمة والعاطفة، ويمكن الاستعانة في إقناعها بمن تأنس منهم التأثير عليها والقبول لديها من أهل الحكمة والمروءة من أهلها وأقاربها، لاسيما مع ما ذكرت عنها من التزامها بالحجاب مما قد يحظى باستجابتها وموافقتها -بعون الله-.

كما أوصيك بالحرص على صلاة ودعاء الاستخارة، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء أن يلهمك رشدك، ويختار لك ما فيه الخير، ويرزقك الزوجة الصالحة والحياة السعيدة؛ ذلك وأن أمر الزواج حساس ومفصلي خطير في حياة الإنسان، والمسلم العفيف الغيور خاصة، ولا شك أن من المشروع ترك الشبهات والاحتياط للدين في هذا الأمر الحساس والمهم، وقد ثبت في الحديث: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه).

أسأل الله أن ييسر أمورنا، ويشرح صدورنا، ويثبتنا على الدين، ويهدينا صراطه المستقيم، وأن يرزق شباب المسلمين الزوجات والذريات الصالحة، والحياة الآمنة والكريمة والسعيدة .. آمـين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً