الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كبرت ولا أعرف كثيراً عن الأمور التي يجب أن أعرفها

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر ٢٢ سنة، كبرت وأنا لا أعرف كثيراً من الأمور التي من المفترض يعرفها أي طفل، ولا أشعر مع أهلي أنهم أهلي، لا أشعر معهم بأمان، ولا أشعر مع أمي أنها أمي ولا أبي كذلك! ربما لأنهم عندما يغضبون مني يقولون: أنا لست أمك وكذا أبي، وقال لي: لن أعطيك من الميراث شيئاً، وعندي خوف دائم!

عندما دخلت الجامعة تعرفت على أستاذة وشعرت معها بالأمان، شعرت أنها أمي، ولأول مرة أشعر أنه عندي أم، وعندما أصاب بحالة القلق آتي إليها كطفل وأتمنى أن أناديها يا أمي، مع أنها تغضب علي، ولا أدري ماذا أفعل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت صرت رجلاً كامل الرجولة، ولست طفلا! ويجب أن تشعر نفسك بذلك، وحدث نفسك بمسؤولية الحياة كرجل، صحيح أن نقصان الحنان ظاهر عليك، ولكن لا تستمر في استجراره وطلبه من الغير، بل أقنع نفسك أنك تجاوزت مرحلة الطفولة، ولست محتاجاً إلى تشجيع أحد أو حنانه! اعتبر أنك مسؤول عن نفسك، بل أضف إلى ذلك مسؤوليتك عن والديك، كونك أصحبت رجلاً، واعتن بوالديك، وأشعرهم بحرصك عليهم، وتفقد أحوالهم، وتعامل معهم كرجل لا كطفل، وستجد أن قناعاتك حول نفسك تتغير نحو الأفضل، وأن الحنان الذي تبحث عنه هنا وهناك حتى لدى مدرستك سيتكون لديك، وتمنحه لوالديك من جديد.

إذا شعرت بالقلق فعليك بالذكر والتسبيح وقراءة القرآن، والالتجاء إلى الله بالدعاء والتضرع حتى يذهب عنك، وتعامل مع مدرستك بأدب، وحذر، فهي امرأة أجنبية عنك! ولا تعطها كل أسرارك، ولا تتذكر الماضي، ولا الكلمات غير الجيدة التي كنت تسمعها من والديك عند الغضب، فهما قطعاً لا يقصدان معناها الحقيقي، وإنما هو أسلوب للتهديد سرعان ما ينسونه!

عليك بالإحسان إلى والديك والبر بهما وحسن التعامل معهما، وستجد أثر ذلك راحة في نفسيتك، وحباً وعطفاً عليك من والديك، فقلوب الوالدين وخاصة الأم، فهي رقيقة جداً نحو الولد، إذا كان طائعاً باراً بهما، فلا تترك أمك وعاطفتها، وتبحث عن أم أخرى! بل عد إلى حضن أمك وستجد لديها كل العطف والحنان، ولا تتعامل مع والديك بردة الفعل إن اقتربوا منك اقتربت منهم! فليسو زملاء أو أصدقاء! بل عليك بالتقرب منهما والبر بهما مهما صدر منهما نحوك، فهذا حق واجب عليك نحوهم، وليس تبرعاً منك، ومهما فعلت معهما من بر فحقهما أعظم من ذلك، فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَجزي ولدٌ والدًا، إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه)، رواه مسلم.

معنى الحديث: أن الوالد متفضل وصاحب معروف وإحسان للولد، ومهما فعل الولد مع والديه، فلو أنفق عليه ما أنفق من الأموال، ولو أنه حمل والده وذهب به وطاف به المناسك، وحج به على أقدامه، وهو على ظهره فإنه لا يكافئه حقه ولا يجزيه في مقابل ما صنع له إلا أن يجد أباه عبداً مملوكًا لغيره فيشتريه منه ثم يجعله حراً!

الوالد هو سبب وجود أولاده في هذه الحياة الدنيا، وقد قرن الله طاعته وحقه بحق الله سبحانه فقال: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا﴾ وأتوقع أنك لو قمت بما أوجب الله عليك نحو والديك فإن تعامل والديك معك سيتغير بإذن الله.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً