الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة ورفضني أهلها لأني متزوج.. ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد التحية والاحترام

العبد الفقير إلى الله، رجل مسلم، ملتزم دينياً -أسأل الله القبول منا ومنكم- مضى من عمري 56 عاماً، تعرفت إلى فتاة من مواليد عام 1992م، ذات أخلاق عالية، وصاحبة دين، ومن عائلة محافظة؛ ولأجل هذا أحببتها وتمسكت بها، ونويت الزواج منها.

طلبت منها أن ترسل لي رقم هاتف والدها، وفعلاً أرسلته، وكذلك طلبت منها أن تصارح والدها، وفعلاً صارحته بارتياحنا للزواج من بعض، وأنا على الفور اتصلت بوالدها وصارحته بمحبتي لها، ورغبتي بقربهم، فقال لي: أنت متزوج أم أعزب؟ فقلت: متزوج وعندي أولاد وبنات، فقال: نحن لا نزوج المتزوج بحكم عاداتنا وتقاليدنا.

قلت: هل رب العزة يحاسبنا على ترك عاداتنا أم يحاسبنا على ترك أوامره؟! قال: طبعاً على ترك أوامره، فقلت: الله لم يحرم الزواج على المتزوج، قال يا أخي: الناس ستقول: ابنته بائرة وزوجها لمتزوج.

قلت: أرض ربك ودع عنك ما يقولون، فرفض، وقطع نصيبنا من بعض، علماً بأنني لا زلت أحبها وأرغب بالزواج منها! لها من الإخوة الذكور اثنان، وصارحتهما، وقال أكبرهما: أنا مقدر وضعك، ولكن اعذرني لأنه لا سلطة لي، ووالدي على قيد الحياة.

علماً بأن زوجتي تكلمت معها، وقالت لها: سأعاملك مثل واحدة من بناتي، ولن أعتبرك ضرة لي، فأنا موافقة على زواجه منك!

أرجو إفادتي ماذا أفعل؟ وأرجو توجيه جواب مقنع لها ولوالدها.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك – أيها الأخ الكريم – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على التواصل مع الموقع لمعرفة الجانب الشرعي، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعيننا على ترك العادات والأعراف، والتمسُّك بشريعة رب الأرض والسموات.

لا شك أن ما قلته لوالد الفتاة هو الكلام الواضح، الكلام الشرعي؛ فالزواج أولاً لا يعرف فارق العمر، والزواج يقوم على تلاقي الأرواح، وهي: (جنودٌ مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

إذا كانت الفتاة على علمٍ بالوضع الذي أنت فيه ورضيت، ووجدتْ في نفسها ميلاً إليك، ووجدتَّ عندك أيضًا نفس الشيء ميلاً إليها، وحدث هذا القبول، فلا نملك إلَّا أن نقول لك: عليك أن تواصل المحاولات، وتتواصل مع إخوانها، والعقلاء، وأعمامها، وأخوالها، الذين يمكن أن يُؤثّروا على هذا الوالد.

أمَّا الشريعة فتوجيهاتها واضحة، ودور الولي (الأب) ما هو إلَّا دور إرشادي، توجيهي، ليس له أن يمنع إلَّا إذا كانت هناك معصية أو مخالفة ظاهرة في الزوج المتقدِّم، أمَّا أن يرفض لاعتبارات عائلية ولأجل كلام الناس؛ فهذا لا يُقبل من الناحية الشرعية.

لكن حتى تُسعد الفتاة فلا بد أن تسلك السُّبل التي فيها محاولات لإقناع هذا الأب، ولو من باب إدخال وسطاء ووجهاء يرضاهم الوالد، كالمشايخ والدعاة، وغيرهم ممن ويكون لكلمتهم أثرًا عنده.

وعلى كل حال: فالحكمة مطلوبة، لكن كلمتنا لوالد الفتاة، ولكلِّ مَن يُقدّم العادات والتقاليد أن الأمر خطير، وأن هذا لا يُقبل من الناحية الشرعية.

وحتى نسلك الطريق الصحيح، لا بد أن نأتي البيوت من أبوابها، وأن لا نسلك الطرق التي تجلب الويلات، وتكون سبباً في إغضاب رب الأرض والسماوات؛ فإن التواصل مع الفتاة في هذه المرحلة ليس له غطاء شرعي، ولا ينبغي أن يكون منك، فإن مثل هذه العلاقة لا تجلب إلا التعلق بين الاثنين، وهي في غير محلها؛ حتى تكون هناك موافقة من أهل الفتاة أو يذهب كل في سبيله وحاله.

فبادر بالتوقف عن التواصل مع هذه الفتاة؛ حتى يجعل الله لك من أمرك مخرجاً وفرجاً.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدر لك ولها الخير ثم يُرضيكم به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً