الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي سريع الغضب.. فكيف أكسب رضاه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف أتعامل مع والدي؟ هو دائم الغضب والقلق من أمور بسيطة، يجعلها مشكلةً ويغضب، نحاول أنا وإخوتي جاهدين على إرضائه لكن الأمر بات صعباً وفوق طاقتنا، وأصبحت أمور حياتنا تتعطل، فهل لي أن أفعل ما أراه مناسباً لي طالما أنه لا يرضى في الحالتين؟

أخاف العقوق وغضب الله، فماذا عليّ أن أفعل؟

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / little dove حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسال الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل، وأن يُثبتك ويُثيبك على بر والديك والإحسان إليهما؛ فهذا من أعظم القربات إلى الله تعالى.

التعامل مع الغضب يتطلب الكثير من الصبر والتفهم، ويزداد الأمر تعقيداً عندما يكون الغضب من شخص عزيز وله مكانةٌ وتقديرٌ كأحد الوالدين.

وإليك بعض النصائح للتعامل مع والدك أثناء الغضب وبعده:

أولاً: حال الغضب ابقي هادئة، وتجنبي المواجهة قدر المستطاع والرد بطريقة عصبية أو رفع الصوت؛ لأن هذا يزيد من حدة غضبه.

ثانياً: استمعي لما يقوله باهتمام، وأظهري هذا الاهتمام بتفاعلك البصري والإنصات، وهذا يساعده كثيراً على التخفيف من غضبه.

ثالثاً: تجنبي الدخول في أي جدال يكون والدك فيه طرفاً مضاداً لرأيك، وإن حدث ذلك فغيري الموضوع بطريقة لا تُشعره بالتجاهل أو التهرب، وإذا رأيت نقاطاً مشتركةً بينك وبين والدك في أي حوار أو نقاش فأظهري التأييد لما يقوله وامدحي رأيه.

رابعاً: ابحثي عن الفرص لتقوية التواصل، ففي الأوقات الهادئة وغير المشحونة بالغضب حاولي إيجاد فرص للتواصل مع أبيك، كطلب رأيه أو الاستفادة من خبراته، وهذا يساعد في تحسين العلاقة بينكما ومد جسور التفاهم، وإشعاره بأهميته، وأن له دوره المهم داخل الأسرة.

خامساً: تحلي بمهارة الإنصات، استمعي لوالدك جيداً، وأشعريه بأنك مهتمة بسماع وجهة نظره، ولا تنظري إليه بنظرة تحدٍ أو استكبار أثناء الحوار أو الغضب؛ فذلك يزيد من ردود الفعل السلبية.

سادساً: لا تأخذي الأمور بشكل شخصي؛ فوالدك ليس عدواً لك أو لبقية الأسرة؛ لذلك حاولي تفهم الأمر، وألا تأخذي ردود فعل والدك بشكل شخصي، أو تحليل الموقف بأنه يكرهكم أو لا يريد لكم الخير، أو يريد الانتقام منكم، فكل هذا يوسع دائرة الخلاف والشقاق.

سابعاً: ضعي نفسك في مكانه لتفهمي أسباب مشاعر الغضب ودوافعه فربما بزوال السبب ينتهي الغضب.

ثامناً: التحلي بالصبر والدعاء، وأكثري من الضراعة لله تعالى.

أخيراً -أختي الفاضلة-: ينبغي أن تعلمي أن الكثير من الآباء يمرون بضغوطات حياتية كثيرة يحتاجون معها للشعور بالتقدير والاحترام داخل المنزل؛ لأن المنزل بالنسبة لهم هو مملكتهم التي يجدون فيها المتنفس والسكن والهدوء من كل تلك الضغوطات، وكثير من الأبناء لا يشعرون بما يعانيه الآباء في سبيل توفير سُبل الراحة والعيش الكريم لهم، فربما يجد الآباء عدم استشعار المسؤولية، أو عدم الإحساس بجهودهم أو التقليل من دورهم؛ فيزيد ذلك من التوتر لديهم، فلا بد من تفهم كل تلك الدوافع والأسباب، فاحتواء الأب، والحرص على بره والإحسان إليه في هذه المرحلة مهم جداً، ومن أعظم البر.

ويمكن عرض ما تريدون على والدكم في لحظات هدوئه والشعور باعتدال مزاجه، وعدم الضغط عليه عند رفضه، وإن كان الأمر فيه مصلحة ضرورية وفواته فيه ضررٌ عليكم فيمكن أن تبحثوا عمن يشفع لكم عنده ويكلمه نيابة عنكم، أما فعل ما تشاؤون دون علمه فهذا يزيد من تصاعد غضبه، خصوصاً إذا كان الأمر مما يستلزم الرجوع إليه وأخذ أذنه.

فإن عجزت كل الحيل بعد استيفاء كل المحاولات وخُشي من تطور الغضب إلى إيذاء جسدي مبالغ فيه -لا قدر الله-، أو ضياع مصالحكم الضرورية بسبب منعه فيمكنكم عمل ما ترونه مصلحةً ضروريةً لا مفر منها دون علمه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الاختيارات ص (114): "ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه".

أعانكم الله ويسر أموركم، ووفقكم للخير أينما كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً