الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على من عيّرني.. هل في ذلك تعدٍ وظلمٌ؟

السؤال

السلام عليكم

أقصد سيادتكم الكريمة للآتي: البارحة تخاصمت مع ابنة خالتي، دار بيننا نقاش فاستفزتني، صرخت ورفعت يدي أو أصبعي من دون أن أشعر، تضايقت هي مني وردت بالمثل، لما انتبهت لنفسي مسكتها لأجلسها فدفعتني خفيفاً حتى لا تجلس، وظلت تتحدث وتصرخ، وأنا أرد أيضاً، حتى عيرتني فعيرتها، ويجدر الذكر أنها عيرتني قبل سنوات بالنعمة التي أطعموني بها!

سؤالي: هل ردي بالتعيير لها كما عيرتني حلالٌ أم حرامٌ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sondoss حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك أيضًا حرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى، ومعرفة ما يجوز وما لا يجوز، وهذا دليلٌ على رجاحة في عقلك وحُسنٍ في إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وتوفيقًا وصلاحًا.

وأمَّا ما ذكرتِ من شأن ردّك على قريبتك بنحو الكلام الذي قالته، وهل في ذلك إثمٌ أم لا؟ فالجواب –أيتها البنت الكريمة– أن النبي ﷺ قد وضع لنا قاعدةً عامّةً يُعرف بها ما يجوز وما لا يجوز عند السِّباب، فقال عليه الصلاة والسلام: (‌الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا، فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ) والحديث رواه مسلم وغيرُه.

فبيَّن -عليه الصلاة والسلام- أن إثم السبِّ الواقع من الاثنين مختصٌّ بالبادئ، ولكنّه عليه الصلاة والسلام حذر الثاني من المجاوزة والزيادة، فلا يجوز له أن يقول أكثر ممَّا قاله له الأول؛ فإذا قال الثاني مثل ما قال الأول ولم يزد عليه فهذا جائز بلا خلاف بين العلماء؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39].

ومع هذا فإن الصبر والعفو أفضل من الانتصار للنفس؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]، ويقول: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].

فمن الصور التي لا تجوز في الردِّ على مَن سبَّ أو آذى الكذب، فلا يجوز له أن يسبّه بشيء فيه كذب أو أن يقذفه في عرضه أو يسبَّ آباءه وأصوله الأجداد والأبناء ونحو ذلك، فهذه من الصور المحرمة الممنوعة في الرد على مَن ابتدأ بالسب.

وبهذا يتضح لك -إن شاء الله- أنك إذا كنت قد اختصرت على الردّ بمثل ما فعلته ليس في ذلك اعتداء على غيرها؛ فإن هذا لا إثم فيه، وهو جائز، ولكنه ليس هو الأفضل كما قلنا قبل.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً