الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي منشغل عنا ولا يلبي احتياجاتنا الضرورية، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

بارك الله فيكم ونفع بكم، رزقني الله زوجًا صالحًا- أحسبه والله حسيبه- طيبًا قريبًا -ولله الحمد-، ينشغل كثيرًا لأبعد الحدود بعمله ليلًا ونهارًا، حتى يكاد يمر اليوم بجملة واحدة -ولست أبالغ- ولا نراه بيننا أو مع أبنائه، ونعذره غالبًا.

أُسير بيتي بما قسم الله لي، وأؤخر متطلبات البيت لساعة فراغه التي قلما توجد، تناقشنا في الموضوع كثيرًا حتى أبدى تبرمه من كثرة طلبي للوازم البيت، والله يعلم أنها نادرة، حتى يخلو البيت تمامًا لعذري له بانشغاله.

لما غضب من طلباتي قررت ألا أخبره بما يلزم البيت، فلما جاء سأل أين الغداء؟ قلت لا يوجد شيء في البيت، أين ملابسي؟ قلت نفد المسحوق، فغضب غضبًا شديدًا وقال: هذا لم يعد بيت سكن ورحمة، وهدفي أن ينتبه لبيته قليلًا وسط انشغاله، وأن يعلم أن ذكري للوازم البيت ليست عبثًا وإنما للضرورة، فهل هذا منهي عنه شرعًا؟ -أحسن الله إليكم- وهل توجد طريقة أخرى لعله يهتم ببيته وأهله؟

ليس لي نفقة خاصة ولا لأولادي غير الطعام والشراب، وفوق كل هذا لا أطالب بها، برغم حاجتي إليها، لكي لا أعكر صفوه.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الثناء على الزوج، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

إذا كان الزوج بهذا الصلاح والخير فكوني عونًا له على الصلاح، وعليه أن يقوم بالإنفاق، فخير دينارٍ الدينار الذي يُنفقه الرجل على أهله، والله تعالى يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، ويقول: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]، ولا يصح من إنسانٍ أن يُضيّع أهله في جانب النفقة، والنبي ﷺ يقول: (كَفَى ‌بِالْمَرْءِ ‌إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ/يعول)، وفي رواية أخرى يقول ﷺ: (كَفَى ‌بِالْمَرْءِ ‌إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ).

لكن من المهم أن تُحسني الطلب، أن تختاري الأوقات المناسبة لعرض الطلبات، وأن تُراعي في طلباتك أيضًا قدراته المالية، وعليه أن يكون واضحًا معك، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

ليس له أن يغضب، ولكن الموقف الذي حصل ربما سبب له شيئاً من الحرج، لذلك أرجو أن تذكري له، تُرسلي له رسائل بالجوال، أو تكتبي له ورقة، اختاري الأوقات المناسبة، عندما يكون هادئًا ومرتاحًا تُخبريه أن الشيء الفلاني سينفد غدًا، ويمكن أيضًا قبل أن تنتهي، تقولين: (نحتاج لكذا ونحتاج لكذا ونحتاج لكذا)، وبعد ذلك هو يأتي به في الوقت الذي يُناسبه، فليس من الحكمة أن ننتظر حتى تنفد جميع الأشياء ثم نتكلّم، خاصة مع ظروف الزوج التي ذُكرت، وأنه منشغل كثيرًا لأبعد الحدود، يعمل الليل والنهار، فلعلَّ هذا هو الذي يجعله يغضب، ولكن أرجو ترتيب الأمور، إذا كان هناك إمكانية، اجعلوا يوم الجمعة أو يوم العطلة هو اليوم الذي تلبُّون فيه احتياجات البيت الأسبوعية، وعندها ستكون الأمور سهلة.

أمَّا إذا كانت الظروف صعبة وهو يحاول أن يُوفّر الأمور شيئًا فشيئًا، فأخبريه بالشيء في وقته، وبالأسلوب المناسب، وبالطريقة المناسبة، ولا عيب عليك في أن تطلبي من الزوج، فممّن تطلب الزوجة إذا لم تطلب من زوجها؟!

نسأل الله أن يُعينكم على الخير، وأن يُديم بينكم الألفة والمحبة، وأن يُوسّع عليكم في الرزق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً