الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شابًا ورفضت الكثير من الخطاب لأجله، ولكنه لم يأتِ!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة ملتزمة و-الحمد لله-، تعلّقت بشابّ زميلي في الجامعة وتعلّق بي كثيرًا، ولم يحصل بيننا أي مخالفات شرعية، وكتمنا ذلك الحب إلى أن يأذن الله بالفرج، لم يحاول التقرب مني، وكان فقط يراقبني من بعيد.

تخرجنا ونحن على هذا الحال، وبقي في قلبي على أمل أن يتقدم لخطبتي في الوقت المناسب، بالرغم من أنه لم يعدنِي بالزواج، سنتان وأنا أرفض المتقدمين لخطبتي، وبعدها فقدت الأمل في مجيئه بسبب ضغط الشبّان المتقدمين، وتساؤلات أهلي حول سبب رفضي؛ إلى أن قررت إنهاء ذلك بالرؤية الشرعية لشاب تقدم لي منذ مدة قصيرة، وبعد المعاناة قررت الموافقة عليه بكامل إرادتي بعد الاستخارة والاستشارة جرت الأمور وعقدنا القران، استمرت خطبتي ثلاثة أشهر وكانت مليئة بالمشاكل، وقررنا فسخ الخطبة.

أصبحت الآن مطلقة قبل الدخول وأعاني جداً من التعليقات السلبية بسبب ذلك، تدهورت حالتي النفسية وعُدت أفكر بالشاب الذي تعلقت به وعدت إلى رفض المتقدمين لخطبتي أملاً في مجيئه، اضطررت قبل مدة للموافقة ظاهرياً على أحدهم حتى أتخلص من الضغط حولي داعيةً الله أن يتلطف بحالي، -مثل ما يُقال جاء من عند ربنا وانتهى الموضوع-، وضعي الآن أصبح مختلفاً كمطلقة، وتعلُّقي يزداد ولا أدري ما أفعل ولا أعلم شيئاً عنه، ولا أريد الارتباط بأحد غيره خوفاً من الفشل أو التعرض للكسر من جديد.

منذ 3 سنوات لا أستطيع التفكير بغيره مع أنني أدعو الله دائماً بأن يختار لي الأفضل، لكن حالتي النفسية تزداد سوءاً، وبانتظار الفرج من عند الله.

أرجو منكم مساعدتي، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –بنتنا الفاضلة– في الموقع، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

بدايةً: نحن لا نوافق ولا ننصح أي فتاة من بناتنا – وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا– لا ننصح أبدًا بتكرار ردّ الخُطّاب؛ لأن هذا ليس في مصلحة الفتاة، ولا ننصح أيضًا بالجري وراء السراب.

إذا كان الشاب المذكور كان يُراقبك من بعيد، وشعرتِ أن هناك ميلًا مشتركًا، لكنه لم يحوّل هذا الميل إلى خطوات، إلى كلام، إلى مبادرة، إلى مجيء لأهلك؛ فأرجو أن تتوقفي عن الجري وراء السراب، ولا تُضيعي وقتك، واعلمي أن الإسلام أراد للفتاة أن تكون مرغوبة لا راغبة، أرادها مطلوبة عزيزة، مَن يريدها من الكبار -حتى لو كان من أكبر الناس منزلةً-؛ عليه أن يأتي البيوت من أبوابها، فنسأل الله أن يُعينك على الخير.

وأعتقد أنك بحاجة إلى أن تُصححي الفكرة من أساسها، لتعلمي أولاً أن الذي أراده الله هو الخير، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وأن المؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، وتُوقن أن الذي يُقدّره الله تبارك وتعالى هو الخير، كما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار فيما يُقدّره الله تبارك وتعالى).

وعليه: أرجو أن تُكثري أولاً بالدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وأرجو محاولة التخلص من الشخص الذي تعلقت به منذ الجامعة؛ لأنه لا خير فيه، ومن عيبه أنه بارد، وأنه لا يشعر ... وربما كان أصلاً تلك النظرات مجرد إعجاب، فالشاب قد ينظر إلى الفتاة ويُركّز عليها لذكائها، لترتيب حياتها لصفات أخرى، لكن ذلك لا يعني أنه يريدها زوجة.

ويُؤسفنا هنا أن البنات يُسارعن، وتظنّ أن كل مَن ينظر إليها ويهتمّ بها ويحتفي بها هو راغب في الارتباط بها، والفتاة صادقة في مشاعرها، لكن الشاب لا يُفكّر بالطريقة التي تُفكّر بها الفتاة، وهذه من الأمور التي ينبغي أن تعرفها بناتنا، فلا يصح أن تبني على مجرد الظنّ، ولا على مجرد التطلع واستراق النظر والاهتمام بها، أنه يريدها زوجة ورفيقة تُكمل معه المشوار، وبالتالي تصحيح هذه الفكرة من الأهمية بمكان.

من الأمور المهمة التي ننبّه لها: حذارِ من ردّ الخُطّاب، كل مَن يطرق الباب اطلبي مشاهدته ومقابلته، هذا حق شرعي لك، الرؤية الشرعية، ولو أردت قبلها أن تسألي عنه ويسأل عنك –وهذا هو الصحيح– يعني: عندما يأتي مَن يتقدّم نعطيه فرصة ليسأل عنَّا، ونحن نسأل عنه، حتى تكون الموافقة عن وعي وعن معرفة.

وكذلك أيضًا من المهم جدًّا ألَّا تحرمي نفسك من النظرة الشرعية؛ لأن (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر -تنافر- منها اختلف)، واعلمي أنه لا يُوجد الكمال، لا في الرجال ولا في النساء، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة.

ليس هناك داع للانزعاج، فلكل أجل كتاب، وسيأتي الوقت الذي يُيسّر لك فيه الأمر، والشاب الذي لا تعرفينه، ليس له وفاء، ليس بينكم اتصال، ولا تعرفين عنه شيئًا، لا يمكن أن يكون سببًا في منعك من الحلال، ولا يمكن أن تجعليه سببًا لرد الخُطّاب، فتوكلي على الله واستعيني به، وتوجّهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، ونسأل الله أن يُسهّل أمرك، وأن يضع في طريقك مَن يُسعدك وتُسعديه.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً