الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي تغير علي بعد مشاكل مع والدته ويؤذيني باستمرار!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة متزوجةٌ منذ 7 سنوات، ولدي طفلة صغيرة تبلغ من العمر 4 سنوات، وواجهتنا الكثير من المشاكل بسبب والدة زوجي؛ لدرجة أننا انفصلنا عند ولادة ابنتي دون طلاق، ومنذ عودتي له نتشاجر كثيرًا.

تغيَّر زوجي في السنوات الأخيرة، ويقول إني لست شريكته، بل عبدة له، يجب أن أكون مطيعة له، ويجب أن يربيني، يتحدث عن الطاعة في كل شيء وبلا سبب، علمًا أني من بيت فاضل، وتربيت على الكرامة.

أنا محطمة! يُؤذيني باستمرار بقوله أنني ملزمة بالطاعة له، وأني في حاجة لإذنه في كل شيء، لماذا نتزوج في هذه الظروف؟ بدأت أكرهه، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُصلح بينك وبين والدة الزوج، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادرُ عليه.

لا يخفى عليك أن ثقافة المسلسلات ولَّدتْ عند الناس انزعاجاً من والدة الزوج، وعند والدة الزوج انزعاجاً من زوجة الابن، وهذا كلُّه ممَّا ينبغي أن نقف عنده طويلاً، ونُصحح مثل هذه المفاهيم؛ لأن قيم هذا الدّين تُحتّم على الصغير أن يحترم الكبير، وتحتّم على العلاقات الإنسانية أن تكون وفق الشريعة التي أنزلها رب البشرية سبحانه وتعالى.

ولذلك ننصحك بداية بأن تجعلي والدة الزوج كالوالدة، وتحتملي ما يصدر منها لكِبر سِنِّها، وتجتهدي في القيام بما عليك، فإن المسلمة تحتمل ممَّن هي أكبر منها أُمًّا، ومن هي أصغر منها ابنًا أو بنتًا، ومَن هي في سِنِّها أختًا لها.

واعلمي أن للزوج كذلك حقوقاً عظيمةً، لكن أيضًا عليه واجبات، والمرأة تُطيع زوجها ما أطاع الله تبارك وتعالى، وتستمع إليه، وتستأذن إذا أرادت أن تخرج، وليس في هذا نقص منها، ولكن لأن هذا هو حكم هذا الشرع، بل لا تصوم تطوُّعًا لله إلَّا بإذن زوجها، وكلُّ ذلك ممَّا ينبغي أن تلتزم به المرأة؛ ليس لأن الزوج يريده، لكن لأن الله تبارك وتعالى أمر به.

ونتمنّى من الزوج أيضًا أن يقوم بواجبه في الإحسان وحُسن المعاشرة، والمعاملة الطيبة، ويتأسّى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان في بيته ضحّاكًا بسَّامًا يُدخل السرور على أهله، وهكذا ينبغي أن تكون الحياة الزوجية، وحسن المعاشرة من واجبات هذه الشريعة، وحسن المعاشرة واجب على الطرفين، {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] ولن يتحقق هذا إلَّا ببذل الندى، وبكفِّ الأذى، والصبر على الجفا.

ولست أدري هل هذا الغضب الذي يحدث من الزوج أو الإشكال له علاقة بالاحتكاكات الحاصلة مع والدته، أم أن هذا نمط شخصية الزوج الذي يريد أن يُظهر دعوته إلى الطاعة، ويشتدّ في ذلك، وأنه يريد أن يُربّيك؟ ما الذي يحمله على هذا؟!

على كل حال: يجب أن تلتزم المرأة بما أمرها الله، ويلتزم الرجل بما أمره الله -تبارك وتعالى- فالحياة الزوجية حقوق وواجبات، لكننا دائمًا نفضّل أن يقول كل طرف (ما هو واجبي)، لأن واجبات الزوجة هي حقوق الزوج، كما أن واجبات الزوج هي الحقوق التي كتبها الله عليه لزوجته، والسباق بين الزوجين ينبغي أن يكون في رضا الله -تبارك وتعالى- وألَّا ينسى كل طرف الفضل بينهما، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 237].

وعليه ننصحك - وأنت قد تواصلت مع الموقع وتُشكرين على ذلك - بأن تقومي بما عليك من الناحية الشرعية، وتحرصي على طاعة الزوج ما دام ما يطلبه أمر فيه طاعة لله تبارك وتعالى، أمَّا إذا أمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة، لكن ما دام يأمر بأمورٍ في طاعة الله فلا تترددي في الاستجابة لأمره؛ لأن الله يأمرنا بذلك، وعليه أيضًا أن يُحسن التعامل معك، وأن يقوم بما عليه، وأن يتق الله تبارك وتعالى فيك.

وتعوذي بالله من الأشياء التي يأتي بها الشيطان، من مشاعر سلبية، فلا تقولي: (بدأتُ أكرهه) لأن الشيطان هو الذي يريد الكُره، ويُريدُ خراب البيت، وكما قال عبد الله ابن مسعود: (إنَّ الإلْفَة من اللهِ والفِرْكَ من الشيطان، ‌يريدُ ‌أن ‌يُكَرّهَ ‌إليكم ‌ما ‌أَحَلَّ ‌الله ‌لكَم)، فقومي بما عليك كما قلنا وفق شريعة الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يؤلف القلوب وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً