الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتواصل مع مَن تقدّم لي وتأخرتُ عنه في الرد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أستاذة جامعية، عمري 33 سنة، ملتزمة -والحمد لله-، تقدم لي شخص وتأخرت في الرد عليه، ولما رددت عليه تكلم معي عاديًّا ثم انقطع عني.

طلبت منذ أكثر من شهرين من الوسيطة الوحيدة بيننا - وهي إنسانة متدينة ترتدي الجلباب والستار- أن تتوسط لي وتتكلم معه، فهي ناشطة معه في جمعية خيرية، وهي من قدمته لي عن طريق قريبتها؛ لأني أتواصل مع ابنة عمها وليس معها؛ حيث قالت لي ابنة عمها إنها لم تلتق بهذا الشخص ولم تذهب للجمعية؛ ولأنها تمر بظروف صعبة طيلة هذه المدة، ومؤخراً تعرض ابنها لحادث سير. فقالت لي ابنة عمها: تكلمي أنت معه أو أرسلي له رسالة أفضل، وضحي له الأمر، ولا تنتظريها لأنها ربما ستتأخر عليك أكثر، وأنا احترت ماذا أفعل؟!

مع العلم أني دعوت الله بإلحاح أن تلتقي معه وتكلمه، فهل أرسل له رسالة، أم أنتظر هذه السيدة لوقت لا أعلمه؟

وشكراً جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أختنا العزيزة وابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يُقرَّ عينك بزوج صالح، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به، ونشكر لك - أختنا الكريمة - حرصك على الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى، وهذا من توفيق الله لك، فإن تقوى الله لا تجلب للإنسان إلَّا كل خير، فهي مفتاح الأرزاق، وقد قال الله في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3].

كما أن معصية الله تعالى من أهم وأعظم أسباب الحرمان من الرزق، كما قال الرسول (ﷺ): (إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه) فمن توفيق الله تعالى لك أن جعلك تتحسّسين وتخافين من الوقوع في معصية الله تعالى.

وممَّا لا شك فيه ولا ريب – أيتها البنت الكريمة – أن التواصل والعلاقات بين الرجل والمرأة الأجنبية باب شرٍّ كبيرٍ، يحاول الشيطان من خلاله أن يجرَّ كثيرًا من الناس إلى الوقوع في أنواع من المحرمات؛ ولهذا حذّر النبي (ﷺ) من فتنة الرجل بالمرأة تحذيرًا بليغًا في أحاديث كثيرة، وهذا أمرٌ يشهد به الحس والواقع.

فنصيحتنا لك أن تحرصي على التواصل مع هذا الرجل عن طريق بعض النساء من أقاربه -إن تمكنت من ذلك-، فإن احتجت أنت أن تكتبي له رسالة توضحين فيها موافقتك على طلب هذا الرجل للخطبة فنرجو الله ألَّا يكون في ذلك إثم من الناحية الشرعية، ولكن نوصيك مع هذا أن تكوني حذرة كل الحذر من أن يفتح الشيطان هذا الباب ليجرّك من خلاله إلى تصرفات أخرى، أو إلى كلامٍ آخر غير الكلام الذي من أجله يُفتتح الأمر.

وحتى تتجنبي أي مزالق ننصحك بأن لا تكون المراسلات بينك وبينه سِرِّيَّةً، حاولي أن تُشركي غيرك معك، حتى لا يجد الشيطان سهولة ويُسرًا في تحويل هذه الأداة إلى وسيلة للشر وللفساد -والعياذ بالله تعالى من ذلك- ونحن على ثقة من أنك مدركة غاية الإدراك للمحاذير التي تكتنف هذا النوع من التواصل؛ ولذلك سألت واستشرت، فنسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يُقدّر لك الخير.

ونصيحتنا لك – ابنتنا الكريمة – أن تتوجهي إلى الله تعالى بصدق واضطرار، وتسأليه سبحانه أن يُقدّر لك الخير، فربما كان الخير في غير هذا الرجل الذي أنت تحرصين على التواصل معه، فأكثري من ذكر الله تعالى ودعائه، وتقرّبي إليه، وهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالحك، سيُقدّر لك الخير، فأحسني ظنّك به.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً