الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل زوجتي يشترطون شروطاً مجحفة للصلح أو الطلاق!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته

متزوج منذ 6 سنوات وعندي بنت وولد، حصل خلاف بيني وبين زوجتي كأي خلاف بين الأزواج، علمًا أني لم يسبق أن ضربت زوجتي، أو شتمتها أو شتمت أهلها، وأنا رجل لا أدخن ولا أشرب الأرجيلة، ولم أرتكب أي خيانة زوجية إطلاقًا، ولا أسهر خارج المنزل، كريم جدًا مع أسرتي، وملتزم دينيًا -الحمد لله-.

مشكلتي الوحيدة هي أنني عند الغضب أرفع صوتي، ولكني سريع الهدوء، وقلبي طيب، وأرضى بسرعة، ولا أحمل في قلبي أي شيء. حاولت إصلاح الأمور مع زوجتي وأهلها منذ 4 أشهر حينما تركتني وذهبت إليهم، ورفعوا علي قضية تفريق للشقاق، وأنا لا أريد الطلاق، حاولت مرارًا للصلح لكن عبثًا، وأرسلوا لي شروطاً للصلح لكنها شروط مجحفة في حقي، منها:

1. استئجار منزل قريب من بيت أهلها، علمًا أن لدي منزلًا شرعيًا مستقلًا مؤلفًا من 3 غرف.
2. عدم الإنجاب حتى انتهاء الزوجة من دراستها؛ حيث إنها تدرس الماجستير وتريد إكمال الدكتوراة.
3. أن لا أمنعها من العمل.
4. تعديل المهر من نقود إلى ليرات ذهبية.

رفضت هذه الشروط، فلا يحق لأحد منعي من الإنجاب، أو السماح لزوجتي بالعمل من عدمه، فكلها أمور خاصة بين الزوجين، ولا أريد تطليق زوجتي فأنا أحبها وأحب أولادي، لكن يوجد تأثير سلبي على زوجتي من والدها ووالدتها، ودائمًا يقولون لها: (هذه مشيئة الله)، لكن رب العالمين لا يقبل بهدم الأسرة، فهل أنا آثم؟ وهل قمت بأي خطأ؟ وما هو الحل؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي حرصك على بقاء الأسرة وديمومة الحياة الزوجية، ونسأل الله أن يهدي أهل الزوجة لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يجعلهم عونًا لكم على الاستقرار والاستمرار.

لا يخفى على أمثالك أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى حكمة وتحتاج إلى إدخال وجهاء عقلاء وفضلاء، وتحتاج إلى تهدئة الأمور، خاصة عندما يكون هناك طرف خارجي مؤثّر، وإذا كان الطرف الخارجي المؤثر هم الوالدين، فإن المسألة تحتاج إلى مزيد من الصبر.

وقطعًا نحن نؤيد رفض فكرة الطلاق جملة وتفصيلاً، لأن الطلاق مشروع يُلحق الضرر الكبير بالأزواج والضرر الأكبر بالأبناء، وخاصة أنهم صغار في سنهم.

أمَّا الشروط التي طرحوها فأرجو أن تقبل المقبول منها، وتحاول أن تعِدَ خيرًا بتنفيذها؛ الآن المهم هو أن تكون الزوجة معك، وتجتهد بعد ذلك في تفادي الأمور التي لا تُرضي الزوجة وأهلها، ومسألة رفع الصوت عند الغضب فهناك وصفة نبوية: إذا شعرت أنك تغضب عليك أن تتعوذ بالله من الشيطان، وتذكر الرحمن، وتُمسك اللسان عن الكلام، وتهجر المكان، وتهدئ الأركان، يعني: إذا كنت واقفًا تجلس، وإذا كنت جالسًا تتكئ، وإذا كان الغضب شديدًا تتوضأ، وإذا كان شديدًا جدًا تسجد لله تبارك وتعالى، وتتفق مع زوجك على تفادي الأمور التي تُغضبك، وأيضًا إذا غضبت الزوجة لابد أن تبتعد حتى تهدأ، والأمر كما قال أبو الدرداء لزوجه ليلة بنائه بها: (إذا غضبتُ فرضِّني، وإذا غضبتِ رضَّيْتُك، وإلَّا لن نصطحب).

وسيكون من المفيد جدًّا تشجيع الزوجة على التواصل مع الموقع وعرض ما عندها، حتى تسمع التوجيهات من طرف مُحايد وطرف مختص، ونتمنّى ألَّا تُعطي الآخرين سببًا للتدخل بينك وبين أسرتك.

أمَّا بالنسبة للشروط المذكورة فهي متوقفة على رضاك، وكما أشرنا ترضى بالمقبول منها، وتحاول أن تُدخل مَن يُفاوض على تعديل هذه الشروط؛ لأنا نعتقد أن الهدف الأول هو أن تعود الزوجة إلى البيت، وبعد ذلك تستطيع أنت أن تسترضيها، وأن تتجنب الأمور التي تجلب لك المشكلات، فإذا كان لك منزل شرعي فأرجو أن يكتفوا بهذا، ومسألة الإنجاب أيضًا أرجو أن تتفقوا عليها؛ لأن هذه خاصّة بين الزوجين، وأنت توقن وتُدرك -وكلنا يُدرك- أن الأطفال يأتي بهم الله، لأنهم رزقٌ من الله، لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا أذن للصحابة في العزل، قالوا: (كُنَّا ‌نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ فَلَمْ يَنْهَنَا)، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إشارة مهمّة، وهو أنه: (مَا ‌مِنْ ‌نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ)، فالمسألة لا تتحكّم فيها أنت ولا هي.

مسألة العمل أيضًا: لا أدري هل هناك اتفاق؟ لماذا تمنعها من العمل؟ وهل العمل يُناسبها؟ وهل العمل يترتّب عليه ضياع الأبناء؟ أعتقد أن هذه مسألة قابلة للنقاش.

أمَّا بالنسبة لتعديل المهر: المهر لا يُعدّل، إذا كنت تعطيها عطايا من عندك فقل لهم: (أمَّا ما أملكُ من أموال فهي لزوجتي)، وبهذه الطريقة أرجو أن تصلوا إلى حلول متفق عليها ومعقولة، ولكن نحن نؤيد فكرة عدم الاستجابة لرغبتهم في الطلاق، وأنت أحقُّ بزوجتك، والرجل هو الذي يملك هذا الأمر، وتجنّب إلحاق الضرر والأذى بها، ونعتقد أن الزمن جزء من الحل، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير.

ونسعد بتواصلكم، ونكرر الترحيب بك في الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً