الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصيبني بين لحظة وأخرى حاله شرود ذهني تضايقني، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقاعدت في سن مبكر قبل سنتين، وكنت آمل أن أحقق أهدافًا جميلة. تأتيني بين لحظة وأخرى حاله شرود ذهني، قد أكون مرتاحًا، وليست مرتبطة بحالة نفسية، أشعر فيها أنني قد خرجت من الواقع، ولا أستطيع أن أتجاوب مع من هم حولي لدقائق، ثم أرجع إلى حالتي السابقة، ولا أستطيع أن أصف لمن حولي ما جرى لي لحظة الشرود!

أنا متضايق كثيرًا من ذلك، فما تفسير هذه الحالة؟ وماذا أفعل؟ علمًا بأنني متقلب المزاج.

أرجو الإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Bamhys حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأشكرك على رسالتك التي ذكرت فيها أنك قد تقاعدت في سِنٍّ مبكّر قبل سنتين، وكنت تُؤمّل أن تُحقق أهدافًا جميلة، و-إن شاء الله- لا زال الأمل معقودًا، و-إن شاء الله- تُحقق أهدافًا جميلة في المستقبل.

ما ذكرته من أنك تمر في بعض الأوقات التي يحدث فيها شرود ذهني، أو عدم التركيز: نعم هذا قد يحدث كثيرًا لأسباب متعددة، ولا بد من التفكير الجاد بأن فترة التقاعد ليست فترة تعني أن يتوقف فيها الإنسان تمامًا عن العمل، فهي فترة لها -إن شاء الله- مهامها، وعلى الإنسان الذي يريد أن يحقق أهدافًا جميلة أن يجعل حياته كلها مرتبطة بأهدافه المستقبلية.

فأنت -الحمد لله- لا زلت في سِنٍّ قادرًا فيها على العطاء، وتستطيع أن تُهيء لنفسك ما تريد أن تُحققه في المستقبل، من خلال العمل الجاد، والتخطيط، وتنفيذ ما تريد أن تقوم به.

أما موضوع الحالة النفسية، فقد يكون مرتبطًا بترك العمل إذا كنت في السابق تعمل في وظيفة؛ فترك الوظيفة أحيانًا يحصل فيه بعض ردود الفعل، مثل أن يكون الإنسان مرتبطًا بنوع من الدوام المنتظم، وحياة منتظمة، ويحصل التغيير، فبعدها يكون محتاجًا لوقتٍ حتى يتأقلم مع حياته الجديدة.

ولكن هذه الفترة -فترة التأقلم مع الحياة الجديدة- يجب أن تكون أيضًا مربوطة بما تريد أن تُحققه أيضًا في حياتك، سواء كانت على المستوى العملي، أو على مستوى الرباط الاجتماعي، إذا كان لديك وقت كاف، أو إذا كان على المستوى الأسري، إذا كنت تريد أن تُقدّم شيئًا من خلال أسرتك الصغيرة أو الكبيرة، أو إذا كانت على مستوى المشاركة المجتمعية الكبيرة، إذا كنت تستطيع أن تقوم ببعض الأعمال التطوعية التي يمكن أن تساعد على ملء الفراغ.

أهم شيء هو أن تحاول أن تملأ فراغك، حتى لا تحس بالملل أو القلق أو الشرود، وحتى لا تتضايق في حياتك اليومية، كما أتمنى أن يكون ذلك مصحوبًا بالاستفادة من وقتك بأشياء مفيدة كثيرة إيجابية، من مسائل دينية، ومسائل اجتماعية، وأن تُكثر من القراءة، على مستوى القراءة العامة، أو على مستوى القراءة الخاصة، بالقراءة المرتبطة بالأمور الدينية والمعرفية المختلفة، وأيضًا في هذا أجر كبير -إن شاء الله- واستزادة من العلم، وحفظ القرآن، والاستفادة من وقتك في ممارسة الأنشطة الدينية المختلفة، والانتظام في العبادات والذكر، وكل هذه الأشياء تساعدك -إن شاء الله- على التأقلم، أو نقل نفسك من مرحلة العمل العام إلى مرحلة -كما ذكرت- التقاعد عن العمل.

ولكن في نفس عمرك أيضًا تستطيع أن تقوم بأشياء كثيرة، أكثر من مجرد العمل أو الدوام الوظيفي، إذا كنت تعمل في السابق في مجال وظيفي، فالعمل العام أيضًا متاح، وتستطيع من خلاله أن تُحقق الكثير من أهدافك في المستقبل.

حفظك الله ورعاك، ولا أرى أن حالتك تحتاج إلى أي عرض على طبيب نفسي أو خلافه، فأنت فقط تحتاج إلى استعادة توازنك بالالتزام بالأنشطة المختلفة والاهتمام بصحتك العامة، والاهتمام بصحتك النفسية والروحية من خلال العمل العام.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً