الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلقي على حالة والدتي الصحية أفقدني معنى الحياة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أكتب إليكم وأنا في قمة الحزن، والاكتئاب، والسوداوية، واليأس، فوالدتي مصابة بسرطان الرئة منذ عام، وقد أخبرنا الأطباء أن حالتها الصحية متدهورة جدًا، وأنها -والعلم عند الله- قد لا تعيش إلا لأسابيع قليلة.

منذ ذلك الحين، وأنا أعيش في حالة نفسية مظلمة، يغلبني الحزن والاكتئاب، وأبكي معظم الأوقات، ولا أشعر بأي رغبة في الذهاب إلى العمل، وشهيتي للطعام ضعيفة جدًا، وأميل للعزلة والابتعاد عن الناس.

أرجو منكم نصيحة صادقة، فلعل كلمة منكم تكون سببًا في كشف ما بي من غمّ وكرب، وهل من دواء أو علاج، يمكن أن يخفف عني أعراض الحزن الشديد والضيق؟

جزاكم الله كل خير، وأرجو منكم الدعاء لوالدتي بالشفاء والرحمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت لديك استشارة سابقة رقمها (2551898)، وقد أجبنا عليها بتاريخ 27 /11 / 2024، وفي تلك الرسالة تحدثت عن معاناتك مع الشعور بالحزن والضيق وسوء المزاج، خاصةً في فترة الصباح، كما أن لديك أفكارًا سلبية وقلقًا ووساوس، فالذي يظهر لي أنك شخص ربما تكون أصلاً لديك شيء من الحساسية النفسية، أو ما يمكن أن نسميه بالسيولة النفسية، أي القابلية للتأثر، أو شدة التأثر عند مواقف معينة.

بالطبع لا يوجد علاج دوائي لحالتك هذه، ولا ننصحك بتناول أي أدوية، وأنت لست مريضًا، أنت تُعبِّر عن شعور إنساني حيال والدتك، لكن هذا الشعور لا ينبغي أن يكون معطلاً لك في حياتك، وهناك أشياء يجب أن تقوم بها:

أولًا: اجتهد أن تتفانى في خدمة والدتك قدر ما تستطيع، ولا تترك مجالًا للتقصير حتى لا ينتابك شعور بالذنب، وكن قريبًا منها دائمًا، ومبتسمًا، ومطمئنًا لها، وأسمعها الكلمات الطيبة، وأكثر من الدعاء لها.
ثانيا: عش حياتك بإيجابية، وابتعد عن أي أفكار حزينة أو اكتئابية.
ثالثا: إن كان الأطباء قد ذكروا شيئًا يخص حالتها، وكانوا من أهل الثقة، فلا بد من أخذ كلامهم بعين الاعتبار، مع اليقين أن الأعمار بيد الله وحده.

فكل الذي أنصحك به: هو المزيد من الاهتمام بها، أنا أعرف أنك غير مُقصِّر، لكن الشيء الوحيد الذي سوف يُساعدك، هو أن تتفانى في خدمتها كما ذكرت لك.

وعليك أن تستعين بكتاب الله، بتلاوة القرآن، والتفكر والتدبر والتمعن في آيات الكتاب، وعليك بالدعاء، واحرص على أذكار الصباح والمساء، وجميع الأذكار، وادعُ لوالدتك، وفي ذات الوقت، عليك حقيقة أن تذهب إلى عملك مهما كانت رغبتك ضعيفة، لكن يجب أن تُحسِّن دافعيتك وتذهب إلى عملك.

وأما شهيتك للطعام: فعليك أن تحرص على تناول غذائك بانتظام، نعم، فإن تصرفك الحالي ينطوي على قدر من الاستباق السلبي، إذ حمّلت نفسك أعراضًا كثيرة لأمور لم تقع بعد، وكل ما أوصيتك به هو ما ينبغي عليك الالتزام به.

وأما نصيحتي لك في حق والدتك فهي:
- ألّا تقصّر في رعايتها.
- وأن تكثر من الدعاء لها.
- وأن تحادثها في المواضيع التي تحبها.
- وأن توصل إليها رسائل إيجابية على الدوام.
- وأن تجلس بقربها وتسمعها القرآن الكريم، ونحو ذلك.

لكن أرجوك لا تتناول أي دواء، لا تثبط مشاعرك هذه من خلال الأدوية، إنما من خلال المزيد من التفهم لطبيعة الأشياء، خاصةً موضوع المرض والأحزان، وفي ذات الوقت حين تقوم بواجباتك كاملة نحو والدتك؛ هذا سوف يعطيك -إن شاء الله- شعورًا إيجابيًا جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء، وحسن الخاتمة لنا جميعًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً