الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أوسوس بتكرار الأذكار عندما أرى ما يعجبني، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندما أرى شيئًا يعجبني، سواء من أشيائي أو من أشياء الناس، أو شيئًا أعجبني في جسدي أو في أجساد الآخرين (مثل يد شخص ما)، تأتيني العديد من العبارات دفعة واحدة، مثل: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، "تبارك الله"، "اللهم بارك"، "حسبنا الله ونعم الوكيل"، "كل شيء بفضل الله"، "الحمد لله"، "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وغير ذلك.

ويأتيني في رأسي أن عليّ أن أقولها جميعًا، فأعيد تكرارها مرارًا، لأن هذا الشيء أعجبني وما زال يعجبني.

لكن بدأ هذا الأمر يزعجني كثيرًا، حيث أصبحتُ كلما رأيت شيئًا يعجبني في نفسي أو في شخص آخر، أشعر بالغضب الشديد، وتتراكم هذه الكلمات في رأسي، فأقولها وأكررها، وأشعر أن ما قلته ليس كافيًا، فما الحل؟

جزاكم الله خيرًا على مجهوداتكم، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يتم شفاؤك على خير.

ما تعانين منه هو وسواس قهري متعلق بالخوف من الحسد، والخوف من أن تؤذي غيرك أو نفسك بالعين، فيدفعك الوسواس إلى تكرار الأذكار الكثيرة، وتراكم العبارات، والشعور بأنك لم تقولي "الكلمة الكافية" التي تمنع الأذى.

وهذا الأمر شائع عند من يُبتلى بالوسواس، وليس له علاقة بضعف الإيمان، بل ربما العكس: فإن ما حدث معك هو من شدة حرصك، لكن الشيطان يفرح بتحويل هذا الحرص إلى عبء عقلي وتوتر نفسي، وقد علّمنا النبي ﷺ أن نقول عند الإعجاب: "اللهم بارك له" أو "بارك الله له"، وانتهى الأمر.

وعليه، فالحل العملي في أربع خطوات:
1. تحديد عبارة واحدة والالتزام بها: اختاري واحدة فقط من هاتين العبارتين: "اللهم بارك"، أو "بارك الله فيه"، ثم اكتفي بذلك، وقوليها مرة واحدة بهدوء، ولا تعيديها حتى وإن شعرت بالقلق؛ فهذا القلق جزء من الوسواس، وليس من الدين.

2. اعلمي أن تكرارك للعبارات لا يزيد الأثر ولا البركة، فالبركة من الله، وليست بكثرة الألفاظ، وكلما أكثرتِ من التكرار والتنوع، زادت سيطرة الوسواس، لذا قوليها مرة واحدة بنية صافية، ثم تجاهلي ما يأتي بعدها من أفكار.

3. اكتبي على ورقة أمامك هذه الجمل:
• الله لا يُحاسبني على ما لم أقصده.
• من قال الذكر مرة فقد أدّى ما عليه.
• تكراري لا يزيد الأثر، بل يُتعبني.
• سأقولها مرة فقط، ثم أترك الوسواس يموت.

وهذه بشارة لك من رسول الله ﷺ، فقد قال: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ)، فكل هذا التكرار والتزاحم والقلق لا يؤاخذكِ الله عليه.

4. أكثري من هذا الدعاء للثبات: "اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْبًا مُطْمَئِنًّا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَاصْرِفْ عَنِّي كَيْدَ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسَهُ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أُحِبُّ، وَبَارِكْ لِلنَّاسِ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الذَّاكِرِينَ الشَّاكِرِينَ".

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً