السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب في كلية أصول الدين والدعوة، وهناك عدة أقسام، وأنا حائر أيها أختار، وأرجو منكم توجيهي.
الأقسام هي:
- عقيدة وفلسفة.
- التفسير وعلوم القرآن.
- الحديث الشريف وعلومه.
- الدعوة والثقافة الإسلامية.
السلام عليكم.
أنا طالب في كلية أصول الدين والدعوة، وهناك عدة أقسام، وأنا حائر أيها أختار، وأرجو منكم توجيهي.
الأقسام هي:
- عقيدة وفلسفة.
- التفسير وعلوم القرآن.
- الحديث الشريف وعلومه.
- الدعوة والثقافة الإسلامية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي العزيز، أشكرك على ثقتك بمشاركتك هذه الحيرة التي تشعر بها؛ فاختيار التخصص في كلية أصول الدين والدعوة ليس قرارًا سهلًا، وهو أمر يحتاج إلى تفكير وتأمل عميقين، وحيرتك هذه دليل على اهتمامك وسعيك لاتخاذ القرار الصحيح، وهذا شيء إيجابي يُظهر أنك شخص مسؤول، وتريد أن تسلك طريقًا يرضي الله، ويناسب أهدافك الشخصية.
أولًا: الحيرة شعور طبيعي في هذه المرحلة، وخاصةً عندما تجد نفسك أمام خيارات متعددة، وكل خيار يبدو ذا قيمة وأهمية، قد تكون هذه الحيرة مصحوبةً بشيء من القلق أو الخوف من اتخاذ قرار قد تندم عليه لاحقًا، لكن تذكر أن التردد ليس علامة ضعف، بل هو دليل على نضجك، ورغبتك في اختيار الأفضل، وفي مثل هذه الأمور، قد تواجه تحديات نفسية شائعة مثل:
• الخوف من الفشل، أو اتخاذ القرار الخاطئ، وهو شعور طبيعي عند الوقوف أمام قرارات مصيرية.
• أحيانًا قد نجد أنفسنا نتساءل عن رأي الآخرين، بدلاً من التركيز على ما يناسبنا نحن.
• قد تجد نفسك تغرق في التفكير في جميع الاحتمالات، دون اتخاذ خطوة عملية؛ مما يزيد من العبء النفسي.
ثانيًا: نصائح عامة لاختيار التخصص المناسب:
1. الاستخارة هي أفضل طريق لتوجيهك؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم...إلى آخر الدعاء" (رواه البخاري)، فقم بصلاة الاستخارة بصدق وإخلاص، وادع الله أن ييسر لك الطريق الذي فيه خير لدينك ودنياك وآخرتك.
2. تأمل في نفسك: ما القسم الذي تجد نفسك تميل إليه أكثر؟ ما المواضيع التي تشعر بالشغف تجاهها؟ هل تجد نفسك تميل أكثر لدراسة العقيدة والفلسفة، أم أنك تحب الغوص في تفسير القرآن وعلومه، أم أنك تحب الحديث الشريف وعلومه، أم أن لديك شغفًا بالدعوة والثقافة الإسلامية؟
3. استشر أساتذتك، أو من سبقوك في هذا المجال؛ فهم أكثر خبرةً، وقد يساعدونك على فهم طبيعة كل قسم، ومتطلباته، وفرصه المستقبلية، قال تعالى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" (آل عمران: 159)، فالمشورة تعينك على اتخاذ قرار مستنير.
4. تأمل في التخصص الذي يمكن أن يخدم أهدافك وأحلامك المستقبلية؛ فعلى سبيل المثال: هل ترغب في أن تكون داعيةً تنشر الإسلام، أم تريد أن تكون باحثًا متخصصًا في العقيدة، أم أنك تريد أن تخدم الأمة من خلال دراسة الحديث، أم أنك تجد نفسك مهتمًا بتفسير كتاب الله؟
ثالثًا: شرح موجز للأقسام لمساعدتك على الاختيار:
• العقيدة والفلسفة: هذا القسم يعمق فهمك للجانب العقائدي، ويتيح لك دراسة الفلسفات المختلفة، والرد عليها من منظور إسلامي، فإذا كنت تحب التحليل الفكري والمنطقي، وتميل إلى الدفاع عن العقيدة الإسلامية ضد الشبهات، فقد يكون هذا القسم مناسبًا لك.
• التفسير وعلوم القرآن: إذا كنت تجد نفسك منجذبًا لتفسير كلام الله، والغوص في معانيه، وفهم أوجه الإعجاز القرآني، فالتفسير وعلوم القرآن هو الطريق المناسب، قال تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" (ص: 29).
• الحديث الشريف وعلومه: هذا القسم يعنى بدراسة كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهم سنته، فإذا كنت تحب البحث في الأحاديث الشريفة، وفهم علوم المصطلح، والجرح والتعديل، فقد يكون هذا القسم مناسبًا.
• الدعوة والثقافة الإسلامية: إذا كنت ترى نفسك داعيةً يسعى لنشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وترغب في فهم الثقافة الإسلامية، وتأثيرها على المجتمعات، فهذا القسم قد يكون الأنسب لك، قال تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل: 125).
رابعًا: نصائح عامة:
• اجعل نيتك من اختيار التخصص خالصةً لوجه الله، واطلب من الله التوفيق في كل خطوة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (رواه البخاري ومسلم).
• بغض النظر عن التخصص الذي تختاره، اجتهد فيه، واعلم أن الله ينظر إلى عملك وإخلاصك فيه، قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105).
• بعد أن تفكر، وتستخير، وتستشير، اتخذ قرارك، وتوكل على الله، قال تعالى: "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" (آل عمران: 159).
ومن عيون الحكمة في الشعر قولهم:
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكنْ ذا عزيمة ** فإنَّ فسادَ الرأيِ أن تَتردّدَا
وقولهم أيضًا:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ ** عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ
هذا يُشير إلى أهمية اتخاذ القرار بشجاعة، وأن تتخذ قرارك بناءً على ما ينفعك وينفع أمتك.
ختامًا، كل قسم من هذه الأقسام يحمل خيرًا عظيمًا، وكلها طرق لخدمة الإسلام والمسلمين، وتذكّر أن الله ينظر إلى نيتك وجهدك، وليس المهم فقط التخصص، بل ما تعمله به.
أسأل الله أن يرزقك التوفيق والبركة في اختيارك، وأن يجعلك من العلماء العاملين الذين ينفعون أمتهم.
وفقك الله، وسدد خطاك، وجعل قرارك مباركًا في الدنيا والآخرة.