الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرص الزواج أمامي قليلة..فهل أقبل أن أكون زوجة ثانية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعمل أستاذة جامعية، وعمري 35 سنة، يتيمة الأب والأم، وكنت أرفض الزواج سابقًا لرعاية والديّ، لأنهما كانا مريضين جدًّا، خاصةً أنني أصغر إخوتي، وكلهم متزوجون.

للأسف، توفي والداي قبل عامين، ومنذ وفاتهما أصبحت فرص الزواج قليلة، وغالبًا ما تكون غير مناسبة.

تقدّم لي زميل في العمل على قدر كبير من الاحترام، وكان على خلاف مع زوجته، لكنه استمر معها من أجل أطفاله، وعرض عليّ الزواج كزوجة ثانية، فرفضتُ وأخبرتُ أخي، رغم أنه شخص مناسب جدًّا من حيث الأخلاق، لكن ظروفه معقدة، ولم أكن أقبل أن أكون زوجة ثانية.

لاحقًا، علمتُ أنه طلق زوجته، وعاد الحديث حول الزواج بيننا، فوافقتُ، لكن زوجته منعته من رؤية أطفاله، فاضطر لإرجاعها لأنه لم يتحمل البُعد عن أولاده.

انسحبت تمامًا من الموضوع، لأنني لا أريد أن أكون زوجة ثانية، ولا سببًا في خراب بيتٍ، وأخبرني أنه مستمر معها فقط من أجل أولاده، ليكونوا في رعايته.

الآن: أنا في حيرة شديدة، هو شخص مناسب جدًّا لي، وكنت أتمناه زوجًا، وفي الوقت نفسه أخشى ألّا يتقدم لي شخص مناسب في المستقبل بسبب سني.

أشعر أنني سأظلم زوجته إن قبلتُ بهذا الوضع، رغم أن مشكلاتهما سابقة على معرفتي به، كما أنني خائفة من أن ترتبط حياتي به، ثم تُعيد زوجته الضغط عليه باستخدام الأولاد، فيضعف أمامها ويطلقني.

بصراحة، أنا بحاجة إلى شريك حياة وسند حقيقي، وتعبت كثيرًا من الوحدة، ولم أعد أستطيع الاستمرار بهذه الطريقة، رغم أنني ناجحة في عملي، لكنني في أمسّ الحاجة إلى من يشاركني الحياة ويحتويني، فبماذا تنصحوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أستاذتنا الكريمة وابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ هذا الاهتمام، ونسأل الله أن يرحم والديك وأمواتنا وأموات المسلمين، وأن يجزيكِ خير الجزاء على برّك بهما.

ونبشّرك بأن ما قمتِ به تجاه والديك لن يضيع سُدى، فهذا باب من أبواب التوفيق، وستجدين -بحول الله وتوفيقه- أثر ذلك في حياتك الأسرية، كما وفقكِ الله في حياتك العملية الجامعية، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينكِ على الخير دائمًا.

نحن ندعوكِ إلى عدم التردد في القبول بهذا الرجل المذكور، واتقي الله واصبري، وكوني عونًا له على الوفاء بحقوق أبنائه، بل وحقوق زوجته كذلك، ولا إشكال عليكِ من الناحية الشرعية؛ لأن المشاكل أصلاً موجودة في كل البيوت، والرجل مناسب لكِ، وأنت من المصلحة أيضًا ألَّا تُفوّتي هذه الفرصة، فقليل أو نادر أن نجد إنسانًا بهذه الصفات العالية، بل وبهذا الإصرار وتكرار المحاولات للزواج بكِ، وما يحصل من زوجته من مضايقات أمرٌ مقدور عليه، وأنتِ -بفضل الله- واعية، وقادرة أن تكوني عونًا له على هذا الخير.

كوني عونًا له على القيام بواجباته تجاه زوجته الأولى وتجاه أبنائه، سواء اختارت أن تستمر معه أو تكون بعيدةً عنه، فلن تأكل إلَّا رزقها، وستأخذين أيضًا الرزق الذي قدّره الله تعالى لكِ، وهو كذلك لن يأخذ إلَّا رزقه، والمهم هو أن تتقيدي أنتِ بأحكام الشرع، فتؤدي ما عليكِ، وتقومي بواجباتك كزوجة.

بل نشجّعك أن تعينيه على الوفاء لأولاده، وعلى القيام بكافة واجباته تجاه أهله، بل وحتى تجاه زوجته الأولى إذا أقرت أن تستمر معه، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وكوني على يقين أن لا أحد في هذه الدنيا يأخذ شيئًا من رزق أحد، ولن ينال الإنسان إلَّا ما كتبه الله -تبارك وتعالى- له، وجود زوجة أو اثنتين أو ثلاث لا ينقص من المقدار الذي كتبه الله لكِ.

وبالتالي نحن لا بد أن ندخل هذا الطريق بهذه القناعة الراسخة، وإذا كان الرجل صاحب دين وخلق، ومناسبًا، وحريصًا، وكرَّر الطلب؛ كلُّ هذا يدعونا إلى أن ننصحك بالقبول به، وأنتِ في مقام بناتنا وأخواتنا، ولا نريد لكِ إلَّا الخير، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير وفي الخير.

كما نرجو أن يستمر هذا الشعور النبيل منكِ، وهذا الحرص على استقرار أسرته وعدم ظلم الزوجة الأولى؛ فهذه دلائل على أن فيك خيراً كثيراً، نسأل الله أن يثبّتكِ عليه، وشكرًا لكِ على هذا التواصل مع موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً