الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناتي مع إدمان مع العادة السرية..هل من حل لها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من إدمان شديد على العادة السرية، قد يصل أحيانًا إلى 13 مرة في اليوم، إلى جانب اكتئاب حاد، ووسواس قهري، ونوبات هلع، ورهاب اجتماعي، بالإضافة إلى انعدام الدافعية، والشعور بالملل تجاه كل شيء، حتى إنني أشعر أحيانًا أن الأطفال يملكون شخصية أقوى مني!

لقد جربت تقريبًا جميع أدوية SSRIs، إلى جانب كويتيابين، ولاموتريجين، وأولانزابين، دون فائدة تُذكر، حاليًا أتناول أنافرانيل بجرعة 150 ملغ، وأولانزابين 5 ملغ، تحسنت حالتي لمدة شهر ونصف، ثم تدهورت بشكل أكبر، وقد أخبرني الطبيب أن التشخيص هو وسواس قهري مقاوم للعلاج.

أرجو منكم مساعدتي في تشخيص دقيق لحالتي، واقتراح أدوية مناسبة تخفف من معاناتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الفاضل الكريم: أود أن أوضح لك -مهما كانت درجة معاناتك- أنّك إذا لم تتوقف عن ممارسة العادة السرية، فلن تصل في تقديري إلى مرحلة مرضية من التحسُّن والتعافي النفسي، إنّ الإقلاع عن هذه العادة يقع ضمن إرادتك واختيارك، حتى وإن وصفها البعض بأنها عادة قهرية، وإن كنت لا أفضل هذا المسمّى إطلاقًا.

أخي الكريم: هذه هي النقطة الجوهرية والأساسية التي ينبغي أن تواجه نفسك بها بصدق، وأرجو ألّا تعتمد على التبرير أو الإنكار كدفاعات نفسية سلبية تبرر لك الاستمرار في هذه الممارسة، فالعادة السرية في حد ذاتها تؤدي إلى اضطرابات نفسية، وإلى خلل في مكونات الشخصية، وضعف الدافعية والهمة والجلد، فضلاً عن افتقاد الحافز والمردود النفسي الإيجابي الداخلي.

الأمر -بلا مبالغة- واضح جدًّا، وهذه حقائق علمية يجب أن نذكرها ونقدّرها كما هي، بعيدًا عن التجاهل أو التهوين، لا تظنّ أنّ الإقلاع عنها مستحيل، بل هو ممكن تمامًا إذا أيقنت بأنها مضرّة بصحتك النفسية والجسدية، فضلًا عن أنها تمسّ التزامك الديني، وتوقعك في نوع من الاستعباد وتحقير الذات، ولا يليق بالإنسان أن يرضى لنفسه بمثل هذه الحال، بل ينبغي أن يحرمها من ذلك.

انطلق من هذه المبادئ، وتذكّر أنّ هذه العادة هي السبب المباشر لكثير من المشكلات التي تعاني منها، وإن كان هناك جانب من الاندفاع القهري نحو ممارستها، فهو -في رأيي- جزء ضئيل جدًّا، بينما تبقى السيطرة والإرادة هي الأساس، ومن يرى أنها تدخل في نطاق الوسواس القهري، فلا أتفق معه؛ لأن أصحاب الوساوس في العادة يتحرّجون من الذنوب ويبتعدون عنها قدر المستطاع، ولا نجدهم يندفعون إلى ممارسات محرّمة بهذه الصورة المطلقة.

لقد ذكرت أنّ لديك أعراض الهلع والرهاب، وهذا هو تشخيص حالتك الرئيس، ولكن الضرر الثانوي نشأ بسبب الاستمرار في ممارسة العادة السرية، والعلاج -كما ذكرت لك- يبدأ بالتحرّر من هذه العادة، والانطلاق الإيجابي نحو الحياة، من خلال حسن إدارة وقتك، ووضع أهداف ومهام يومية ومستقبلية، ورسم الآليات التي توصلك إلى تلك الأهداف، مع الحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، والاجتهاد في دراستك، والالتزام بواجباتك الدينية، وبرّ والديك، والمشاركة الإيجابية في أسرتك.

بهذه الكيفية -أخي الكريم- تستطيع -بإذن الله- أن تغيّر حياتك للأفضل، أمّا بخصوص العلاج الدوائي، فأترك أمره لطبيبك المعالج المختص، وأسأل الله تعالى أن يمنّ عليك بالعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً