الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالظلم وعدم الثقة في الناس ألزمني البيت!

السؤال

أعاني من وساوس، وعدم ثقة بجميع البشر، وأعاني من الظلم في أغلب الأوقات، وأعاني من الحسد أيضًا في أغلب الأوقات، حتى أصبحت لا أحب الاجتماعات، وملازمًا بيتي، وأتحجج بأن جميع الناس ظلموني.

أحيانًا لا أدافع عن نفسي، وعندما أرجع إلى البيت، أُحدّث نفسي في الطريق بصوتٍ عالٍ كالمجانين، ولا أعرف كيف أخوض المعركة آنذاك، بل أؤجلها حتى ألوم نفسي، وفي أغلب الأحيان، أعتبر نفسي الضحية، وأرى أن الناس جميعهم غير جيدين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لاختيارك موقع إسلام ويب لطلب الاستشارة.

نحن نُقدّر ثقتك ومشاعرك التي عبّرت عنها، وندرك أن ما تمر به يُعد من التجارب المؤلمة نفسيًا، لكن من المهم أن تعلم أن هناك حلولًا واقعية وعملية يمكن أن تساعدك على استعادة الراحة النفسية والثقة في نفسك وفي الآخرين.

وبتحليل ما ورد في رسالتك، يتضح أنك تعاني من عدة جوانب مترابطة، أبرزها:
• وجود وساوس وشعور بعدم الثقة في الآخرين؛ مما ينعكس سلبًا على علاقاتك الاجتماعية ويزيد من شعورك بالعزلة والانطواء.
• إحساس دائم بالظلم والحسد، وهو ما قد يؤدي إلى حالة من الانسحاب والخوف من التفاعل الاجتماعي.
• لوم النفس بعد المواقف، والتحدث بصوت عالٍ مع الذات؛ مما يدل على وجود ضغط نفسي داخلي مكبوت، وحاجة واضحة للتفريغ الانفعالي والتنفيس.

واليك بعض الوسائل والخطوات العملية والنفسية والروحية التي تساعدك في حل المشكلة:
1- فهم طبيعة الأعراض التي تمر بها: فما تعاني منه قد يندرج ضمن حالات معروفة في الطب النفسي، مثل:
• اضطراب القلق العام.
• الوسواس القهري (خاصة الأفكار المتكررة عن الحسد أو الظلم).
• الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط.
• آثار صدمة نفسية أو اجتماعية سابقة.

وهذه الأعراض قابلة للعلاج، وكثير منها لا يتطلب دواء، بل يعتمد على تعديل نمط التفكير والسلوك.

2- التوقف عن جلد الذات: إن مرور الإنسان بمرحلة ضعف لا يعني أنه شخص سيئ، ما تشعر به الآن مؤقت، ويمكن تجاوزه بتدرّج ووعي، وثق أنك قادر على تعلّم مهارات الدفاع عن النفس والتعامل مع الآخرين بثقة واتزان.

3- ابدأ بخطوات صغيرة نحو التغيير: وذلك بتخصيص وقت يومي للخروج من المنزل، ولو لمدة ساعة للمشي أو الجلوس في مكان مفتوح، كما يمكنك أن تقلل العزلة تدريجيًا، ولا مانع من مشاركة مشاعرك مع شخص مقرب تثق به، وطلب رأيه بطريقة محايدة في بعض المواقف لتتعلّم منها.

4- مواجهة الوساوس بالتفكير الواقعي، فعندما تراودك أفكار مثل: "الجميع يكرهني أو يظلمني أو يحسدني"، اسأل نفسك: هل هذا صحيح دائمًا؟، هل يوجد أشخاص في حياتي يعاملونني بلطف وإنصاف؟، وستجد أن الواقع يحتوي على استثناءات إيجابية، ويمكنك أن تركّز عليها لتكسر دائرة التفكير السلبي.

5- التدرب على الدفاع عن النفس: يجب أن تتعلّم استخدام عبارات بسيطة تعبّر بها عن رأيك بوضوح، كما ننصحك بالتقليل من الحديث الداخلي السلبي، وعند شعورك بالضيق، جرّب الكتابة في دفتر مذكراتك عمّا أزعجك، ثم صف كيف كنت تتمنى أن تتصرف، فهذه الطريقة تخفف من التوتر وتمنع تراكم الغضب.

6- الاستعانة بالمتخصصين عند الحاجة، إذا استمرت هذه الأعراض بشكل يؤثر على جودة حياتك، فلا تتردد في طلب المساعدة من معالج نفسي مؤهل (وليس بالضرورة طبيبًا نفسيًا)، فالجلسات المنتظمة مع متخصص يمكن أن تكون مفيدة جدًا، وتُحدث فرقًا حقيقيًا.

7- الاهتمام بالجانب الإيماني والروحي: لا تهمل جانبك الروحي، فهو مصدر طمأنينة كبير، ننصحك بـ:
• المواظبة على تلاوة جزء من القرآن الكريم يوميًا أو الاستماع إليه.
• متابعة مقاطع دعوية لعلماء موثوقين لرفع الجانب الإيماني.
• قراءة أذكار الصباح والمساء بتدبر وتأمل.
• الإكثار من الدعاء والاستغفار مع استحضار اليقين بأن الله سبحانه وتعالى يعلم صدق نيتك، ولن يتركك وحدك أبدًا.

وختامًا: نؤكد لك أن ما تمر به ليس نادرًا، بل يعاني منه كثيرون، وقد تمكن الكثير منهم من تجاوزه والعودة لحياة مستقرة ومطمئنة.

فالخطوة الأولى هي أن تعي ذلك، وقد بدأت بالفعل. نسأل الله لك الشفاء والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً