الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي مريضة وزوجتي تستاء منها ولا تقدر وضعها، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوج، عمري 34 سنةً، أجد صعوبةً في التأقلم مع زوجتي وأهلي؛ لأن أمي وصلت إلى مرحلة من الشك، لدرجة أنها في بعض الأحيان تشتم زوجات إخوتي، بمن فيهم زوجتي، ورغم أن لي إخوةً، إلا أنني أنا من أكون مع أمي وأبي في الضراء والسراء، مع العلم أن إخواني يسافرون، ورغم شرحي لزوجتي كل شيء، إلا أنها بدأت تستاء من أمي، وتتحدث عنها، وذلك لا يعجبني، فما الحل؟

أنا لا أريد التخلي عن أمي المريضة، ولا عن زوجتي، ولكنني في بعض الأحيان أفكر بالطلاق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الابن الكريم، والأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وقد أسعدنا حرصك على بر الوالدة، وأيضًا عدم ظلم الزوجة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُسعدك بسلامة الوالدة، وبلوغها العافية، ونسأل الله أن يكتب لها كامل الأجر، وتمام العافية، وأن يرزقك برّها، وأن يُلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

نشكر لك هذا الاهتمام بأمر الوالدة، وكونك قريباً منها، ونسأل الله أن يُعين زوجتك أيضًا على تفهّم هذا الوضع؛ فإن إكرامها لوالدتك، وصبرها عليها، هو نوع من الإكرام لك، ونوع من حُسن العشرة لك، وأنت من جانبك ينبغي أن تُبالغ في إكرام هذه الزوجة، والتخفيف عنها، وتقدير ما تقوم به؛ لأن هذا جانبٌ في غاية الأهمية؛ فالزوجة عندما تصبر على الوالدة، وتصبر على مرضها، وتصبر على ما يصدر منها، فهي تحتاج إلى دعم معنوي، وتحتاج منك إلى شكر وتشجيع لها.

والشرع الذي أمرك ببرّ الوالدة، والإحسان إليها، والسعي في علاجها، والصبر عليها، هو الشرع نفسه الذي يأمرك بعدم ظلم هذه الزوجة؛ لأنها أيضًا لها حقوق، ولا شكّ أن حق الأم مقدَّم، ولكن الشريعة تريد من الإنسان أن يأتي بهذه الحقوق كاملةً لكل الأطراف؛ فلا يُقصّر في حق زوجته، ولا يُقصّر في حقوق والدته، وهي صاحبة الحقوق العظيمة.

وهنيئًا لك بانفرادك بهذا الدور، والواضح أن الإخوة والأخوات يأتون ويذهبون، وأنت المُقيم مع الوالدة، الحريص على صحتها، وهذا كلّه -إن شاء الله- سيتحوّل إلى خير وسعادة بالنسبة لك.

وعلى زوجتك، وعلى كل من حولكم أن يُقدّر الظرف المرضي؛ فلا يُحاكم الوالدة بما يصدر منها من كلام، أو بما لديها من تصرفات؛ لأن الإنسان لا يشمت في أحد بما مرض به، ولا يحاول أن يُقلّل من شأنه؛ لأن المرض ابتلاءٌ من الله -تبارك وتعالى-، والخطورة على من يَسْخر من مريض، ويُحاول أن يقلده، أو يقلّل من شأنه، والخطورة عليه هو؛ فإن الله يُوشك أن يُعافي المريض، ويبتلي هذا المستهزئ الساخر.

عمومًا، عليك ببر الوالدة، وعليك بإكرام الزوجة، وتشجيعها، وإشعارها بأنك تُقدّر المعاناة والصعوبة التي عندها، كما ينبغي عليها أن تفهم أن كلام الوالدة لا عبرة به؛ لأنها في ظرفٍ مرضي، وما يصدر منها ينبغي أن يمضي دون أن تُركّز عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على القيام بهذه الواجبات الكبرى.

وإذا تكلّمت عن الوالدة بشيء، فنحن نتمنّى ألّا يحدث ذلك، ولكن ينبغي أيضًا ألّا تُعطي الموضوع أكبر من حجمه؛ فكل مَن تكلَّم عن الوالدة بسوءٍ يُعطيها من حسناته، ونحن لا نريد للزوجة أن تفعل ذلك، ولكن إن فعلت فلا ينبغي نقل هذا للوالدة، بل المطلوب هو تلطيـف الجوّ بينهما، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير، ويصلح في مثل هذه الأحوال التذكير بالله، والتذكير بأننا عندما نتكلم في إنسانٍ فإننا نعطيه من حسناتنا، أو نأخذ من سيئاته -عياذًا بالله-.

لا أعتقد أن الوضع يصل إلى مرحلة الطلاق، ولا تُفكّر في الطلاق؛ فإن الطلاق لا يُفرح سوى عدونا الشيطان، ولكن أكرم الوالدة، وقدّر ظروف الزوجة، وأكثر من الثناء عليها، وأشعرها بأنك فخورٌ بها، وعندها ستتغيّر الصورة تمامًا؛ لأن المرأة مع الضغوط والظروف الصعبة تحتاج إلى دعمٍ معنوي، وهذا أهم ما تحتاجه الزوجة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً