الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي سحرتني ودمرت حياتي..كيف أستطيع النهوض؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل حوالي عشر سنوات، كانت حياتي مستقرة، وكنت أعمل ولدي فائض من المال، وكانت كل أموري ميسورة -بفضل الله-، كانت هناك فقط بعض الخلافات البسيطة المتراكمة بيني وبين زوجتي، ولم يكن هناك سبيل للحل في ذلك الوقت.

لجأت إلى اتخاذ قرار بالزواج من فتاة أخرى، مع العلم أنني أب لأربعة أطفال، وسألت عن فتاة، وبعد موافقة أهلها وتحديد يوم الخطبة وكتب الكتاب، علمت زوجتي بالأمر وذهبت تستجير بوالد العروس، الذي بدوره أجارها وألغى العرس نهائيًا، ومنذ ذلك الوقت بدأت حياتي تتدهور، فقد خسرت مبلغًا ماليًا ضخمًا، وخسرت عملي وسمعتي، وهاجرت من تلك المدينة، ظنًا مني أن الوضع النفسي هو السبب.

ظل الأمر كما هو، كلما حاولت أن أبدأ في أي عمل أو مشروع، أو أتخذ قرارًا، تنهار الأمور فورًا، وحياتي المادية تدمرت نهائيًا، حتى أصبحت لا أملك قوت يومي.

في يوم من الأيام، وضع أخو زوجتي عندي أمانة، وكانت مبلغًا ماليًا كبيرًا، ولا أعرف ما الذي كنت أفكر فيه وقتها، أقسم بالله لا أعلم كيف خسرت ذلك المبلغ، فالبعض يقول إنه من الطبيعي أن تخسر ألفين أو ثلاثة آلاف، لكن أن تخسر المبلغ كاملًا في يوم واحد، فهذا أمر غير معقول.

منذ ذلك الحين وقبل هذه الخسارة، كانت حياتي المادية مدمرة، وأصبحت بعدها أكثر دمارًا وتعقيدًا، إلى أن جاءت زوجتي وجلست بجانبي، وقالت: أريد أن أعترف اعترافًا، لقد ذهبت إلى ساحرة منذ سنوات، وأخبرتها بأنك تريد الزواج، فأخذت الساحرة تربط خيوطًا، وقالت لي: لن يستطيع أن يجمع قرشًا فوق قرش من اليوم فصاعدًا، وكان زوج الساحرة يلومها ويلعنها، ويقول لها: حرام عليكِ، لا تؤذيه بماله وأمور حياته، عطلي هذا الزواج فقط، وكانت تقول: إن دواء الرجال هو أن لا يجمعوا المال.

أغيثوني فأنا مدمر، أحكيها لك حقًا، ما عدت أقدر توفير قيمة الخبز، أقسم بالله إن الديون ذبحتني ذبحًا، وليس هناك تيسير في أي شيء -والحمد لله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يفرّج كربك، ويعجّل برزقك، ويجعل لك من كل ضيق مخرجًا.

نقرأ كلماتك، ونشعر بمرارة ما تعانيه، لكننا نُبشّرك أن باب الله لا يُغلق، وأن يد الله فوق كيد السحرة والناس أجمعين.

أولًا: ما حدث لك ليس وهمًا، فما ذكرتَه من اضطراب مفاجئ في الرزق وخسائر متتالية لا تفسير لها، بعد مشروع زواج لم يتم، ثم اعتراف زوجتك بأنها ذهبت إلى ساحرة؛ كل ذلك يرجّح بنسبة كبيرة أن ما أصابك هو أذى من سحر حقيقي، لا مجرد ظروف أو صدفة، والسحر ثابت في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ}، وقال: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}، وهذا يشمل سحر التفريق، وسحر التعطيل عن الرزق والزواج والعمل.

ثانيًا: هل يُمكن علاج السحر؟
نعم -بإذن الله- لكل سحرٍ شفاء، ولكل كربٍ فرَج، بشرط الصدق مع الله، والأخذ بالأسباب الشرعية الصحيحة.

إليك خطة عملية واضحة للعلاج والفرج:
- التوبة والاستغفار: تُب إلى الله مما سلف، حتى من الذنوب التي قد لا تتذكرها، وقل: اللهم إني أستغفرك من كل ذنب حال بيني وبين رزقك، وبين توفيقك، وبين عفوك.

- اجعل لك وردًا ثابتا من الاستغفار.

- حافظ على الرقية الشرعية يوميًا صباحًا ومساءً.

- أكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

- أكثر من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.

- صدقة بنية الشفاء والفرج ولو كانت بسيطة، كسرة خبز، كأس ماء، أو مساعدة محتاج؛ فالصدقة تفتح أبواب الرزق، وتكسر السحر -بإذن الله-.

- قطع كل صلة بالساحرة والاعتذار لله، إن كانت زوجتك تابت فاحمد الله، وذكّرها ألا تفتح هذا الباب ثانية، فالسحر من الكبائر المهلكة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد".

- الدعاء في جوف الليل: ابك على باب الله، فهو الغني الكريم، وقل في سجودك: اللهم إنك تعلم حالي، وقلّة حيلتي، وضعف قوتي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، فاغفر لي، وارزقني، واكشف ما بي، اللهم اكشف السحر عني، وأبطل أثره، واكفني شر من أرادني بسوء، وأغنني بفضلك عن خلقك.

- طلب الرقية ممن يُحسنها -إن وُجد-: إن وجدت راقيًا ثقةً شرعيًا، لا يستعمل التمائم، ولا يلمس النساء، ولا يخالف الشرع، فاستعن بعد الله به.

- الصبر ثم الصبر: ما دمت تدعو وتستغفر، وتحصّن نفسك وتُصلّي، فأنت في طريق الخلاص، ولو تأخر النصر قال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}.

وأخيرًا: نبشّرك أن البلاء الذي مرّ بك ليس ضياعًا، بل قد يكون سبب رفعتك، وتكفير ذنوبك، وفتح باب عظيم للرزق بعد الصبر، فلا تيأس، لا تتراجع، لا تستسلم، واعلم أن من كان مع الله؛ فإن الله لا يتركه، بل يؤيّده، ويكشف كربه.

نسأل الله أن يبطل ما بك من أذى، وأن يُعجّل بشفائك ورزقك، وأن يبدّلك بعد هذا الضيق فرجًا ونورًا لا ينقطع، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً