الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن زوجي يسخو على أهله ويقتر علي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي ميسور ماديًا -والحمد لله-، وهذا ما يقوله في نفسه أيضًا، ولكنه مؤخرًا بعد أن سافر إلى الخارج، وأكرمه الله، وأصبح ميسورًا أكثر، أصبح يحاسبني على مصروفات المنزل إن نفذت، سواءً من مأكل، أو مشرب، وحين أطلب منه أشياء لاحتياجي لها لا يتذكرها، وأنا لدي ابن، وحامل.

ولكن على النقيض من ذلك: هو كريم مع أهله، ووالدته، وجدته، وخالته، وأبناء وبنات خالته، ويأتي لهم بالهدايا، ويقوم بالدفع عنهم لأشياء كثيرة، حتى إنه قام بشراء أحذية لهم ولم يشتر لي، وأصبحت أشعر بالغيرة في فرق المعاملة بيني وبينهم، سواءً عاطفيًا، أو ماديًا، وتحدثت معه، ولفت نظره أكثر من مرة، ولكنه ينكر عليّ، ولا يعطي بالاً لما أشعر به، أو أحتاج إليه!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يصلح بينكما، ويؤلّف القلوب، ويبدل الشعور بالخذلان إلى طمأنينة وسَعة ورضا.

ما وصفته مشترك بين الجانب العاطفي، والنفسي، والشرعي، وسنحاول أن نضع بين يديك خطوات واضحة للتعامل، مع إضاءة تربوية وعملية تعينك -إن شاء الله- على إدارة الموقف.

أولًا: دعينا نسألك -أختنا الكريمة-، ونرجو أن تتقبلي الحديث، فنحن نريد صالحك، هل يمكن أن تكون المشكلة في نظرتك أنت؟

اسألي نفسك بهدوء:
- هل زوجي بخيل معي حقيقةً، أم أنني أقارن عطاياه لغيري بعطاياه لي؟
- هل أطلب منه الحاجات بلطف وصبر، أم بكثرة الإلحاح، واللوم، والاتهام؟
- هل أنا شاكرة لما يُقدم لي؟
-هل عبرت له عن امتنان صادق؟

ثانيًا: احذري من مقارنة تُولّد الغيرة؛ فما دمر أكثر البيوت إلا هذا الداء؛ فكثير من النساء حين ترى زوجها يهدي أمه، أو أخته، أو يُنفق بسخاء على أهله، تبدأ تشعر بأن هذا على حسابها، وتنسى أن البرّ لا ينافي الحب، وأن للزوج والدةً تعبت عليه، وله أرحام قد يرى في صلتهم بركةً وسعةً.

نعم، قد يقع الزوج في عدم الموازنة، أو نسيان حاجة الزوجة، ولكنه لا يكون بالضرورة يفضلهم عليك حبًا.

ثالثًا: هل عبّرت عن احتياجك بلغة الحب لا العتاب؟
فأحيانًا لا يسمع الرجل صوت حاجتك، إذا جاء محمولًا على الشكوى، والغيرة، واللوم، ولكنه يسمعه إذا جاء محمولًا على: الامتنان: "أنا أقدّر تعبك لأهلك، وهذا من طيب أصلك"، والطلب الرقيق: "أحتاج فقط أن أشعر أن لي نصيبًا من اهتمامك كما لهم"، والدعاء: "أسأل الله أن يزيدك، ويرزقك بركةً في المال والعطاء".

رابعًا: عالجي مشاعرك أنت قبل تصرفاته: فإذا شعرت بأنك "الأقل حظًّا"، أو "المنسية" أو "المظلومة"؛ فقد يفسد هذا نظرتك له، حتى وإن لم يقصّر، فتبدئين برؤية كل تصرف كأنها إهانة، أو تجاهل، وربما ظلمته من حيث لا تدرين.

ولذلك نوصيك بما يلي:
- محاسبة نفسك قبل محاسبته.
- تجديد نيتك في الصبر والاحتساب.
- تطهير قلبك من المقارنات السامة.

خامسًا: قد يكون زوجك كريمًا مع أهله، لكنه لا يعرف كيف يكون معك كريمًا بالعاطفة، والكلمة، واللفتة، فبادري أنتِ بتعليمه بلطف، لا بأن تُشعريه بالتقصير كل حين، وقولي لنفسك: "لعل الله رزقني زوجًا كريمًا لأهله، لكي أكون أنا كريمة في صبري عليه، فيثيبني كما يثيبه، وربما أكثر.

وختامًا:
- لا تنظري لما في يد غيرك، بل انظري في قلبك، واملئيه بحب الله والرضا.
- وأكثري من قول: "اللهم اجعلني شاكرةً، واجعل زوجي مُنفقًا بالحق، وعادلًا في المودّة والرحمة".
- افتحي معه حوارًا مفتوحًا بعيدًا عن أهله، وعن المصروفات، والعطايا، واجعليه يقترب منك أكثر، ولا تكثري الشكوى، واطلبي بالود حقوقك، افعلي ذلك، وستجدين تغييرًا -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً