الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يرفض بعض نفقات أولادنا بحجة عدم الوجوب، فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا لدي أربعة أبناء، أكبرهم في الصف الثالث الثانوي العام، مع العلم أنني لم أعود أبنائي على الدروس الخصوصية، ولكن في هذه السنة بالتحديد أصبح من اللازم على الطالب أخذ الكتب والدروس الخصوصية.

وفي أحد الأيام طلبت ابنتي نقودًا من والدها لشراء الكتب، مع العلم أن ابنتي من المتفوقات – والحمد لله –، لكن الأب قال لها إنه غير ملزم، أو مجبر بالصرف على أبنائه، وأن ما يقدمه لهم مجرد تطوع منه، وأنه غير مجبر بدفع المال للمأكل أو الملبس أو التعليم.

فهل هذا صحيح؟ هل الأبناء مسؤولية علينا نحن فقط دون إلزامه بالنفقة عليهم، مع العلم أنه ميسور الحال؟ كما قال لي أيضًا إنني غير مجبرة على إعداد الطعام لهم أو غسل ملابسهم أو تنظيفهم، فهل هذا صحيح؟

شكرًا جزيلًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدِّر لكم الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُديم على أبنائكم العفو والعافية والتفوق والنجاح، فاشكروا الله على هذه النعمة.

نِعَمِ الله على العباد كثيرة، وأجلُّها نجابة الأولاد، فهنيئًا لمن يستطيع أبناؤه أن يدرسوا ويعتمدوا على أنفسهم، ولا يحتاجون إلى دروس خصوصية أو غيرها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعين المدرسين على أداء الأمانة على الوجه الأكمل، حتى لا يحتاج الطلاب بعد ذلك إلى أشياء إضافية، وإنما تكون الإضافية زيادة معلومات، وزيادة من الخير والعلم وحفظ كتاب الله تبارك وتعالى.

بالنسبة للسؤال والتساؤل الذي ورد في الاستشارة، ينبغي أن يعلم هذا الأب أنه مسؤول عن النفقة على أبنائه، لقول الله تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ﴾، وإذا كان ميسور الحال، فعليه أن يُوسِّع، كما قال عمر رضي الله عنه: "إذا وسَّع الله عليكم فوسِّعوا".

وعليه أن يعلم أن الدينار الذي يُنفقه على أهله هو أفضل الدراهم، كما ورد ذلك عن النبي ﷺ، والنفقة المطلوبة تعتبر في الأشياء الأساسية: الطعام، الشراب، المسكن، العلاج، وكل ما يحتاجه الأبناء أيضًا ينبغي أن ينفق عليهم، و"كَفَى بالمرء إثمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول (مَنْ يَقُوت)، "إِنَّ الله سائل كُلَّ راعٍ عمَّا استرعى: حفظ أَمْ ضيَّع"، حتى إن الرجل لَيُسْأَل عن أهل بيته، "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، ومن الأمور المتفق عليها أن النفقة تجب على الأب.

أمَّا بالنسبة للخدمة، فهي أيضًا واجبة على الأم، خاصةً إذا كانت البيئة تخدم فيها النساء، أمَّا إذا كانت البيئة فيها النساء يُؤتى لهنَّ بخادمات، فهذه من القرائن التي تدل على أن هذا لونٌ من حسن المعاشرة، ولكن لا يصح لامرأةٍ في بلد تخدم فيه النساء الأزواج أن تتمرد على هذا الواقع؛ لأن هذا من المرجحات أنه لا يمكن أن تسعد وتستقر الحياة والحال هذه.

لذلك ما ذكره هذا الزوج في مسألة النفقة أمر غير صحيح؛ لأن النفقة واجبة على الأب، وهذه أكبر مسؤولياته، وما نال القوامة إلّا بهذا: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أي: مؤهلات فطرية، ثم قال: ﴿وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾.

فالنفقة تجب على الأب تجاه أبنائه، وعليه أن يُحسن في هذه النفقة، وأن يقوم بما عليه على أكمل الوجوه، والمرأة كذلك ينبغي أن تقابل هذا بكامل الوفاء والخدمة والرعاية لزوجها ولأبنائها، ونحن نقول: هذا لونٌ من حسن المعاشرة، وإذا كان في بيئات هذا هو الحال فيها، فالأمر يرتفع ليكون أكثر من مجرد مستحب، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

ولا بد أن ندرك أن الحياة الزوجية ينبغي أن يُدرك فيها الإنسان أنها عطاء قبل أن تكون أخذًا، وأن الإنسان ينبغي أن يتذكَّر الواجبات قبل أن يطالب بالحقوق، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

ونتمنى أن يجد الأبناء ما يعينهم على الاستمرار في التفوق، وهذه من النعم التي ينبغي أن نشكر الله -تبارك وتعالى- عليها، ونتمنى إذا كان لزوجك رأي أن يتواصل مع الموقع حتى نتحاور معه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً