الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتيني وساوس بأني أكره الصلاة وأخشى على نفسي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا لدي سؤالان:

السؤال الأول:
أنا شاب أُصلي والحمد لله، لكن مع الأيام أصبحت أنهض إلى الصلاة وأنا أشعر بالتعب، وأقول في نفسي: "إني أكره الصلاة" رغمًا عني، وأنا أكره هذا الحديث، وقد خشيت أن يكون هذا من نواقض الإسلام، وهو البغض أو النفاق.

السؤال الثاني:
حدثتني نفسي –ولا أذكر إن كان ذلك لفظيًا أم مجرد حديث نفس دون نطق– أني لن أعود لفعل معصية، وقلت ضمن ذلك الحديث: "إني لن أحلف بالله"، لأني خشيت أن أعود إلى المعصية، فهل هذا يُعتبر نذرًا؟ وهل عليّ كفارة؟ وهل يعد عهدًا منقوضًا؟

أفيدونا من فضلكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً، أحمدُ اللهَ تعالى أنك شابٌّ محافظٌ على الصلاة، وقد أثنى القرآن الكريم على الشباب الصالح، قال الله تعالى عن أهل الكهف: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: 13]. واعلم أن من كرامة المسلم في هذا الزمان الثبات على الدين والمحافظة على الصلاة.

وأما الجواب على أسئلتك واستشارتك، فهو على النحو التالي:

أولاً: ما يطرأ عليك من تعب وكسل عن الصلاة هذه الأيام – كما ذكرت في رسالتك – فالحل هو الإقبال على الصلاة بخشوع وطمأنينة في المسجد مع المصلين، مع الإكثار من هذا الدعاء الذي كان رسولنا الكريم ﷺ يدعو به، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: «كانَ رسولُ اللهِ ﷺ يُكْثِرُ أن يقولَ: يا مُقَلِّبَ القلوبِ، ثَبِّتْ قلبي على دينِكَ. فقلتُ: يا نبيَّ اللهِ، آمَنَّا بك وبما جئتَ به، فهل تخافُ علينا؟ قالَ: نعم، إنَّ القلوبَ بينَ إصبعينِ من أصابعِ الرحمنِ يُقَلِّبُها كيفَ يشاءُ» (أخرجه أحمد والترمذي).

وكون الإنسان تأتي عليه أوقات نشاط وأوقات كسل وفتور، فهذا حال البشر، يتقلبون ويتأثرون بظروفهم الخاصة.

فأكثر من ذكر الله تعالى، واستعذ به من الكسل، كما كان يفعل رسول الله ﷺ، فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: «كانَ رسولُ اللهِ ﷺ يقولُ: اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من العَجزِ والكَسَلِ...» (رواه مسلم).

ثانيًا: حديث نفسك عن كراهية الصلاة لا يعدو كونه حديث نفس، ولا تُؤاخذ به إن شاء الله، خاصة مع مدافعة هذه الأفكار والخطرات الشيطانية، فقد قال ﷺ: «إنَّ اللهَ تجاوزَ لأمَّتي عمَّا حدَّثَتْ به أنفُسَها ما لم تَعملْ أو تتكلَّمْ به» (رواه مسلم).

ثالثًا: لا داعي للقلق من خطرات النفس بالأمور الكفرية، ولا تُعد ناقضًا من نواقض الإسلام، فهي أيضًا من حديث النفس الذي لا يُؤاخذ به العبد ما دام يكرهها ويدافعها، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ ناسًا من الصحابةِ جاءوا إلى النبيِّ ﷺ فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نجدُ في أنفسِنا الشيءَ لأن يَخِرَّ أحدُنا من السماءِ أحبُّ إليهِ من أن يتكلَّمَ به، فقال ﷺ: وقد وجدتُّمُوه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صَريحُ الإيمانِ» (رواه مسلم)، ومعناه أن استعظام المسلم لهذه الأفكار وإنكاره لها دليل على صريح إيمانه.

رابعًا: أمَّا ما تلفظت به أو حدثت به نفسك من عدم الرجوع إلى المعصية، فإن كان مجرد حديث نفس دون تحريك اللسان، فلا شيء عليك، والمسلم كلما أحدث ذنبًا أحدث له توبة.

أمَّا إن كنت قد تلفظت وحركت لسانك، فإن كان ذلك على وجه الحلف أو النذر، ولم تفِ به، فعليك كفارة يمين أو نذر، وهي: إطعام عشرة مساكين، فإن لم تستطع، فصيام ثلاثة أيام.

خامسًا: لا بد من الحذر من الوسوسة، فقد يعاني الإنسان أحيانًا من وساوس في الأيمان أو النذور، أو في خطرات النفس، فيظن أنه أتى بناقض من نواقض الإيمان، فادفع عن نفسك هذه الوساوس، فإنها أوهام وتخيلات، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وحافظ على أذكار الصباح والمساء والنوم، ولا تسترسل مع هذه الأفكار.

وفي الختام: أسأل الله تعالى أن يزيد إيمانك وثباتك، وأن يُحبب إليك الصلاة والإيمان، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً