الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي بعد أن كان حنونا تغير طبعه للقسوة، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ ثمانِ سنوات، في بداية زواجي كان زوجي حنونًا وطيبًا معي، لكنه بعد سنة من الزواج تغيّر، وأصبح قاسيًا في معاملته، أصبح يهملني ويتجاهلني، ويتحدث إليّ بكلام جارح وغير لطيف، ولا يحب النقاش معي.

مع العلم أنني أُلبّي كل ما يطلبه مني، لكنه لا يسأل عني، ولا يهتم بمشاعري، ويهتم فقط بأهله ونفسه، ومنذ ذلك الحين لم أشعر بالسعادة معه، وأعيش حياة أشبه بالوجود دون حياة حقيقية.

أنا يتيمة الأب والأم، وليس لديَّ أحد أرجع إليه، ومنذ ذلك الوقت أرى في منامي كلاباً سوداء وأفاعي، وأحيانًا يُقال لي في المنام إن أحدهم قد أصابك بالسحر، وذلك لأن زوجي يكرهني كثيرًا رغم أنه كان يحبني كثيرًا في البداية، والله أعلم.

لا أدري ماذا أفعل، وأرجو منكم الرد والمساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في إسلام ويب.

أولًا: وفقك الله لكل خير، أشعر بما تمرين به من ألم وحزن بسبب معاملة زوجك لكِ، وأقدر إحساسك بالخذلان من أقرب إنسان إليك، ألا وهو زوجك.

لكن لتعلمي أن تغيّر الزوج بعد فترة من الزواج أمرٌ شائع بين كثيرٍ من الأزواج، وقد يكون بسبب ضغوط العمل، أو الملل الذي يخيم على حياتكما، أو بعض المشاكل الأسرية، أو ضعف التواصل بينكما، وليس بالضرورة لأنه يكرهك.

في هذه الحالة، أنصحك بمحاولة معرفة سبب تغيّره من خلال حوار هادئ وفي أجواء مفعمة بالحب، مع مراعاة الاهتمام بمظهرك الخارجي، واختيار الوقت المناسب للحديث، والاستماع له بانتباه دون مقاطعة، وتجنب الرد بالإساءة على الإساءة، والحفاظ على هدوئك قدر الإمكان.

ثانيًا: قيّمي علاقتك مع زوجك بناءً على أمور واقعية، مع التركيز على إيجابياته حتى وإن كانت قليلة، وابني على هذه الإيجابيات حياة جديدة.

حاولي إحياء العلاقة بينكما من خلال الاهتمام من جانبك، مثل الاتصال به للاطمئنان بين فترة وأخرى بلغة التفقّد والحب، وإرسال رسائل مفعمة بالمودة، أو إهدائه شيئًا يحبه، أو مفاجأته بطعام يفضله؛ فكل ذلك يزيد الود والمحبة بينكما، وأنت قادرة على ذلك بإذن الله تعالى.

ثالثًا: حددي نوع الاهتمام الذي تريدينه من زوجك، فبعض الأزواج لا يعرفون كيفية الاهتمام بزوجاتهم، وعندما يُطلب منهم الاهتمام بشكل عام، يظنون أنهم متهمون بالتقصير فيعاندون أحيانًا.

كوني واضحة في نوع الاهتمام الذي ترغبين به، مع مراعاة مدح زوجك على ما يقوم به من تضحيات من أجل الأسرة والأولاد.

رابعًا: بالنسبة للأحلام التي تراودك وكلام الشخص في الحلم عن السحر، فليس بالضرورة وجود سحر، فقد تأتي هذه الأحلام من القلق النفسي أو التفكير الزائد أو من الشيطان ليُحزنك؛ لذلك لا تتخذي قراراتك بناءً على الحلم وحده، بل على الواقع والتصرفات الفعلية.

خامسًا: إذا كان عندك شكّ في وجود سحر أو حسد؛ فالأفضل اللجوء إلى الرقية الشرعية لنفسك ولزوجك، وذلك بقراءة: سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس صباحًا ومساءً.

سادسًا: يُستحب قراءة سورة البقرة كاملة يوميًا كنوع من الرقية الشرعية، فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: «اقرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ» [رواه مسلم]، وقال أيضًا ﷺ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ ‌يَنْفِرُ ‌مِنَ ‌الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ » [رواه مسلم].

وكذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء؛ فهي تحميك بإذن الله تعالى، وهي حصنٌ حصين، فإن بها من التحصينات ما يكفيك يومك، كما قال ﷺ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ... وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ ‌يَوْمَهُ ‌ذَلِكَ ‌حَتَّى يُمْسِيَ»، وغيرها من الأذكار التي تزيد من الطمأنينة في القلب وتدفع وساوس الشيطان وتخفف القلق والخوف، وتجعل النفس أقوى على مواجهة الصعوبات والمحن بإذن الله تعالى.

خامسًا: اعلمي -أختنا الكريمة- أن صبرك على زوجك الذي يسيء معاملتك هو نوع من الصبر العظيم الأجر، فتحلي بالصبر الجميل، وأكثري من الدعاء لزوجك بالهداية والصلاح والاستقامة.

وفقك الله تعالى وهدى زوجك، وأرضاك بما يسرك في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً