الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يلزمني بالاستمرار في العمل حتى وأنا مريض، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحيانًا أمرض كما يمرض الناس، سواء بالحمّى أو غيرها، فهي من أكثر الأمراض شيوعًا، ويريد مني أبي أن أستمر في العمل حتى وأنا قعيد ومريض، فأنا والله أتألم ألمًا شديدًا، لكنني لا أتوقف خشية أن يكون في ذلك سخط منه، أقول له إنني مريض، لكنه لا يسمع لي.

هذا الوضع يضعني تحت ضغط شديد، كأن جبلًا فوق صدري، بسبب الشعور بالعجز، علمًا بأن العمل شاق جدًّا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويعينك على بر والدك والإحسان إليه، فهذا من أعظم القربات، وأجلّ الطاعات.

نقدر مشاعرك تجاه والدك، وحرصك على رضاه، وخوفك من سخطه، وهذا دليل خير وصلاح فيك، ونفهم من رسالتك أنك شاب في مقتبل العمر، تتحمل الكثير من الأعباء من أجل إعانة أسرتك، رغم ما تعانيه من متاعب صحية، وضغوط نفسية، ومع ذلك فإن والدك يشدد عليك، ويطالبك بالاستمرار في العمل دون مراعاة كافية لظروفك.

من الطبيعي أن ينظر الوالد إلى ابنه الشاب على أنه أصبح رجلًا يمكنه أن يسانده في أعباء الحياة، وربما يفسر هذا الأمر بعضًا من ضغوطه عليك، لكنك في الوقت ذاته بشر، لك طاقة محدودة تحتاج للراحة والاهتمام، شأنك شأن غيرك، والمرض يزيد من حاجتك إلى مراعاة وظروف خاصة.

لذلك، من المهم أن تُدرك أن لا تتحمّل فوق طاقتك، وأن الحفاظ على صحتك الجسدية والنفسية ليس تناقضًا مع البرّ والإحسان إلى والدك، بل هو جزء من مسؤوليتك تجاه نفسك وأهلك.

هنا تبرز أهمية أن تكون هناك مصارحة بينك وبين والدك في جلسة هادئة، تُعبر له فيها بلطف عن مشاعرك ومعاناتك، وتوضح له أنك حريص على مساعدته، لكنك بحاجة أيضًا إلى بعض التفهم لظروفك، وأن الاستمرار في الضغط عليك قد يؤدي إلى مضاعفات صحية أو نفسية.

وإذا كان الحوار المباشر صعبًا مع شخصية الوالد، فيمكنك الاستعانة ببعض الأهل أو الأقارب الموثوقين الذين يحترمهم والدك، ليكونوا جسرًا لإيصال رسالتك بطريقة لينة وحكيمة.

وفي كل الأحوال، أوصيك بالاستمرار في بر والدك والدعاء له، وأن تحتسب ما تقوم به عند الله تعالى، فقد قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وتذكَّر أن بر الوالدين باب عظيم من أبواب الجنة.

نسأل الله أن يشرح لك صدرك، وأن يُيَسِّر أمورك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يحفظك بصحتك وقوتك، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً