الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي كريم وحنون لكنه يجرحني بأفعاله وخياناته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

مرّ عام على زواجي، وحتى الآن لا أفهم لماذا لا أرى زوجي كرجل مسؤول، أشعر بأنه غير ناضج، وأحيانًا أحس أن التواصل بيننا بعيد جدًا، تكثر الخلافات بيننا على أبسط الأمور، رزقنا الله بفتاة جميلة، والآن أرغب أن تكون لي وحدي، حتى عندما يشارك صورتها مع والدته، أغضب، وإذا قدمت لي نصيحة أشعر بالضيق.

أنا أعاني من اضطراب الشخصية الحدية، ومن الاكتئاب، كانت ولادتي متعسرة، وحياتي معه مليئة بالمعاناة، طلبت منه الطلاق مرارًا، لكنه لم يقبل؛ خلال فترة حملي خانني، وصدرت منه أفعال شنيعة بحقي، كان غائبًا نفسيًا، ولم يساندني، وحتى بعد الولادة، افتعل مشكلة مباشرة بعد خروجي من العملية، بسبب خلاف بينه وبين أهله، وكنت أنا الضحية.

أنا أكره حياتي معه، قبل فترة صارحني بأنه كان يفكر في الطلاق مني، وأنه قد ملّ من تصرفاتي، رغم أنني لم أؤذه بشيء، دائمًا ما يستخدم معي أسلوب "قلب الطاولة" هو كريم وحنون، لكنه لا يفهمني، ويجرحني بأفعاله، كنت في أشهر حملي وهو يخونني، يتحدث مع الفتيات، بل وصل الأمر إلى تصوير صور خادشة لفتاة، وقد رأيت محادثة جنسية بينه وبين أخرى.

رغم التعب، كنت دائمًا متزينة، أرتدي أجمل الملابس والمجوهرات، ساعدته في بداية حياته من جميع النواحي: ماديًا واجتماعيًا، لكنه لا يحب الجلوس معي، ولا حتى النقاش، وعندما نتناقش، يتحول أي موضوع إلى خلاف تلقائيًا.

تعرفت عليه في الجامعة، وأشعر الآن أنه ليس الشخص المناسب، رغم أنني اخترته، هو ليس من أريد الاستمرار معه، لا أريده أن يبتعد، ولا أريده أن يقترب، لا أرغب في هدم بيتي، لكنني أحيانًا أراه كشيطان أمامي، أكرهه وأحيانًا أحبه.

أنا أتعالج من الاكتئاب والاضطراب، لكنه لا يساعدني أبدًا، ولا يفهمني، بل يزيد الأمور سوءًا، في كل مرة يخونني أشعر بأنني لا شيء، وعندما كنت حاملًا شعرت أنني لا أريد الطفلة، والآن أشعر بأنها ابنتي وحدي، وليست ابنته، ولا أحد من أهله له الحق في رؤيتها.

حتى حملي لم يكن سهلًا، وولادتي كانت صعبة، ذهبت إلى معالجين وأخصائيين، ولم أستفد، أشعر أنني غير كافية معه، وقد هدم ثقتي بنفسي، رغم أنني قضيت سنوات في بنائها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعينكِ على تجاوز هذا الاضطراب في الفهم والتصرفات، والسبيل إلى ذلك بالصبر، ونؤكد أن الزمن جزء من الحل، فأنتم الآن سنة واحدة وطفلة واحدة، وهذه الفترة قد لا تكون كافية للفهم الصحيح لبعضكما.

وقد أشرتِ إلى أن في الرجل إيجابيات، وهذا ما ينبغي أن تُضخِّميها وتركزي عليها، وتحاولي أيضًا أن تتفهمي وتدخلي على حياتكِ الأسرية بواقعية، فإن الفتاة لا تجد شابًا بلا نقائص، والشاب لن يجد فتاة بلا عيوب.

وما أشرت إليه من اضطراب الشخصية، وغير ذلك من الأمور التي ذهبتِ فيها للرُّقاة وللأطباء، أرجو أن يستمر مشروع العلاج، وتحسني اختيار من تذهبين إليه؛ وهذا أيضًا ممَّا يدعوكِ إلى عدم الاستعجال في اتخاذ القرارات مثل الطلاق أو الفراق، وهذا لا نقبله منكِ ولا منه، بل نريد أن تعطوا أنفسكم فرصة كاملة، ولله الحمد هناك مراكز متخصصة وجهات، يمكن أن تساعدكم وتؤلِّف بين القلبين، وتعينكم على تجاوز هذه الصعاب.

اعلمي أن هذه الطفلة لها أب وأنتِ الأم، فهي تحتاج إلى والدها وتحتاج إلى والدتها، وكون والدتك أو أهلك يفرحون بهؤلاء الأطفال فهذا من الأمور المهمة التي تجلب السعادة الأسرية، فلا تنزعجي إذا ذهب بابنته إلى أُمّه وأخذت معها صورة، أو حاولت أن تأخذها؛ هذا كله ينبغي أن تحرصي أن تتأقلمي معه وتتكيفي؛ لأن هذا هو الأصل، وهو من الفرح بكِ وبه، وبهذه الطفلة المولودة، وهذا معروف عند الآباء والأمهات -آباء الزوج، آباء الزوجة، والأمهات- هؤلاء يكونون حريصين جدًّا وفخورين جدًّا بالمولود الأول، نسأل الله أن يبارك في هذه الطفلة.

وما أشرتِ إليه من اضطراب في المشاعر والتفكير والغضب؛ هذا كله يمكن أن يُعالج، ومسألة الخيانة أيضًا تحتاج إلى توجيه شرعي، وتحتاج إلى صبر منكِ حتى يتغير هذا السلوك؛ لأن هذا يُغضب الله أولًا، الذي أشرت إليه لا يرضي الله تبارك وتعالى، لكن يبدو أن الخيانة كانت في درجاتها -وهي دركات عياذًا بالله- وعلى كل حال فهي محرمة، لكن الخطأ لا يُعالج بالخطأ، وإنما نعطي أنفسنا فرصة؛ لأن هدم البيت ليس سهلًا، خاصة مع وجود طفلة.

وأيضًا: ينبغي أن يقتنع الرجل أنه سيجد في زوجته نقائص، وهي ستجد فيه نقائص، وأيضًا عليكم أن تدركوا أنكم في البدايات، بل لم تبدأ الحياة حقيقة، وكثير من الأزواج بدؤوا حياتهم بمشاكل، لكن بعد ذلك جاء الوفاق، وحصل التعارف والتآلف والتكيف والتأقلم والتعاون على ما اتفقوا عليه، ثم وصلوا إلى مرحلة التآلف بين الزوجين، يعني هذا كله ينتظركم بإذن الله.

فالفكرة الآن: لا تستعجلي، استمري في العلاج، ذكِّريه بالله -تبارك وتعالى- وحاولوا أن تبحثوا عن الإيجابيات وتضخموها، وكونوا واقعيين عند وجود السلبيات؛ لأننا بشر والنقص يطاردنا، وتواصلا مع موقعكم، وحبذا أيضًا لو كتب ما عنده، أو تكتبوا استشارة مشتركة، ومن حقكم أن تطلبوا أن تحجب الاستشارة، فلا يراها أحد سواكم، وعندها سيكون هناك توجيهات مفيدة.

إذًا: شجعيه إلى أن يكتب للموقع، أو اكتبي معه استشارة، ليكتب كل واحد ما يشعر به؛ حتى تجدوا النصائح من المختصين، وأنتم في مقام بناتنا وأبنائنا، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

أكرر دعوتي لكِ بعدم الاستعجال، مع الاستمرار في الرقية والعلاج، وأيضًا تذكير هذا الزوج بالله -تبارك وتعالى- ومراقبته، حتى لا يقع فيما يُغضب الله.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً