الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف ألفت انتباه الشاب الذي أعجبت به كي يتقدم إليّ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يوجد شاب معي في العمل، حيث إنني أسمع عنه بأنه ذو خُلُقٍ وأدب ودين، ولكن لا أعلم عنه شيئًا، في بداية الموضوع أُعجبتُ به وبشخصيته، كونه شابًا لا يتكلم مع الفتيات، بالإضافة إلى ذلك، هو قيادي، أي أن جميع الشباب يحبون الجلوس في مجالسه والاستماع إليه.

بعد ذلك، بدأت ألاحظ عليه بعض التصرفات تُوحي إليَّ بأنه مُعجب بي، مثل النظرات، ولكنه لم يتحدث إليَّ أبدًا، ولكنه سأل صديقتي عني.

أنا فتاة خائفة أن أغضب الله؛ لذلك دائمًا أكون حريصة بعدم الالتفات إليه والابتعاد حتى لا أتكلم معه، ولكنني في ذات الوقت أريد أن أتعرَّف إليه وبشدة، ولكن أريد أن يكون ذلك ضمن حدود الدين والأدب، كما أريد أن ألفت انتباهه بضرورة خطبتي من أهلي، ولكن لا أعلم كيف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال.

ومن مناقب الفتاة أن تُعجب بصاحب الخُلق، وصاحب الدين، ومن مناقبها أيضًا أن تتحرّى الطريق الصحيح في ذلك، فالفتاة أرادها الإسلام أن تكون مطلوبة عزيزة، لا طالبةً ذليلة. نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلفت نظر هذا الشاب إليك إذا كان في ارتباطه بك الخير، ودائمًا اسألي الله أن يقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

وإذا كان الشاب قد تكلّم مع الزميلة وسأل عنك، فلا مانع من أن تقوم الزميلة بسؤاله إن كان متزوجًا، وتقترح عليه أن يرتبط بك؛ وهذا ما فعلته نفيسة ‌بنت ‌مُنْيَة عندما قدّمت خديجة للنبي ﷺ، فقالت له: «هل لك رغبة في الزواج؟»، أو قالت: «لك رغبة في الزواج؟»، قال: «ممَّن؟ فليس عندي مال»، أو قال: «مَا بِيَدي مَا أتَزَوجُ بهِ»، قالت: «فإن كُفيت ذلك ودُعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟»، قال: «فَمَنْ هِي؟»، قالت: «خديجة»، قال: «وَكَيْفَ لي بِذَلِكَ؟»، قالت: «عليَّ»، قال: «فَأنَا أفْعَل»، فذَهبْت فأخْبرتها، فأرسلت إليه: أنِ ائْتِ الساعة كذا وكذا، وتزوّجها رسول الله ﷺ.

فوجود الوسيط من الأمور المهمة جدًّا، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعين هذه الأخت على إكمال طريقها، أنه طالما هو سألها، والذي بادر وسألها، فلا مانع من أن تقول: "أنتَ سألتَ عن فلانة، هل لك رغبة فيها؟ إني أرشّحها لك، وهي من الفتيات الطيّبات"، وبعد ذلك إذا رغب في الكلام معك، فاطلبي منه أن يطرق باب أهلك؛ لأن هذا هو الطريق الصحيح.

والفتاة الصالحة إذا شعرت أن شابًّا يميل إليها، فإنها تدلّه على هاتف عمّها وأخيها ووالدها (يعني أولياءها) وتدلُّه على مكان بيتها، وفي هذا مصلحتان: تتبيّن من خلال هذا الطلب جديّة الشاب، وترتفع قيمة الفتاة عند الله وعند أهلها؛ لأنها رجعت إلى محارمها وإلى أوليائها، والولي هو مرجع الفتاة، وترتفع أيضًا قيمة الفتاة عند الشاب؛ لأنها لم تُقدّم له التنازلات.

ومن خلال سؤال هذه الصديقة التي سألها عنك سيتبيّن إن كان هو مرتبطًا أو متزوجًا أو أمامه فتاة أخرى، أو راغباً في الزواج؟ فكل هذا سيتضح، ويمكن أن تذكر ذلك على سبيل الامتداد لسؤاله الذي سأله، طالما أنه بدأ السؤال؛ هي الآن تسأله: "لقد سألتَني عن فلانة، هل عندك شيء تريده؟ هل كذا، هل كذا؟» ثم تبدأ تذكر ما فيكِ من الخير.

وطبعًا، هذا هو الزواج التقليدي، الذي يكون عن طريق الأصدقاء والصديقات أو الجيران أو المعارف، وهو من أنجح أنواع الزيجات؛ لأن هذه الصديقة تعرفك وتعرف هذا الشاب الذي يعمل معكم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

ولا نؤيّد مسألة الارتباط أو التعلّق به، قبل أن تعرفي إن كان هناك إمكانية لإتمام مراسيم الزواج؛ لأننا لا نريد للفتاة أن تتعلّق وتُركّز على شيءٍ معيّن، خاصةً والشاب قد يُظهر الإعجاب بفتاةٍ أو بعشر فتيات ثم يتزوّج بغيرهنّ؛ لأنه قد يُعجب بأدبها، أو يُعجب بحجابها، أو يُعجب بأدائها، ولهذا لا يعني إعجابه بها أنه يريدها كزوجة، أو يختارها شريكةً له في مستقبل حياته وأُمًّا لأبنائه.

وهذه نقطة فيها فرق بين الذكور والإناث؛ فإن المرأة سُرعان ما تُصدّق أن الرجل يميل إليها، وقد يكون الرجل معجبًا بأشياء أساسية فيها، ومعجبًا بغيرها أيضًا، وبالتالي مسألة الارتباط تختلف عن مجرد الإعجاب؛ لذلك نحن دائمًا لا نقف عند حدود الإعجاب -سواء كان من الفتاة أو من الشاب- حتى يتحوّل إلى حبٍّ حقيقي، والحب الحقيقي الحلال يبدأ بالرباط الشرعي، والحب الحقيقي يقوم على الصفات؛ فمثلًا هو مُعجب بها، لكن لمَّا يعرف أنها مُصلّية، وصائمة، وأنها بارّةً بوالديها، وأنها صادقة، وأنها كذا؛ يبدأ يزداد إعجابه بها وتزداد قيمتها عنده.

ولذلك الحب الحقيقي إنما يحصل بعد الارتباط، عندما تُعرف الصفات الجميلة، أو تعرف هي الصفات الجميلة فيه؛ عند ذلك يزداد الحب، ويأتي الحب الحقيقي الذي نقول معه: «لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح».

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير، وأنت على خير طالما أنك حريصة على ألّا تتواصلي مع أي شاب إلَّا إذا طرق باب أهلك، ونسأل الله أن يقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً