الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي رجل منفصل لا أدري مدى مناسبته لي، فما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري تسعة وثلاثون عاماً، ولم يُكتَب لي نصيب مع أي شخص تقدَّم لي على مدار الثلاثة والعشرين سنة الماضية، مُنذ أن كنتُ في المرحلة الثانوية والعرْسَان يأتون ويذهبون مباشرةً.

الآن، هناك دكتور جامعي مُنْفَصِل سيتقدَّم، والرؤية الشرعية ستكون آخر الأسبوع -بإذن الله-، أنا بصراحة لم أفهم تمامًا ما معنى "مُنْفَصِل"؛ لأنه أيضًا غير مُطَلَّق.

وعندي أسئلة كثيرة وأحتاج إلى الاطمئنان، أعرف أن مثل هذه الأسئلة من المفترض أن يستفسر عنها أحد مَحارِمي، لكن -للأسف- كثير من العرسان يذهب بسبب طريقة وَلِيِّي الحالي بعد أبي -رحمه الله-.

هل إذا سألتُه بنفسي بقصد أن يُفْهِمني في وجود أخي، هل يُعتَبَر هذا قلة حياء مني؟ خاصة أني بصراحة لا أعرف كيف سيكون وضعي، هل سأكون زوجة ثانية؟ وهل ستوافق الزوجة الأولى على أمر كهذا؟ وكيف سيكون شكل حياتنا؟ وكيف سيكون عَدْلُه بيننا؟ وماذا لو كانت زوجته الأولى رافضة أصلاً؟ وماذا لو كانت قد قالت له بالفعل: "تزوَّج" لوجود مشاكل حالية بينهما، وبعدها سترفض الأمر؟ هل سيستطيع أن يحميني مما قد أُواجهه منها؟ وهل سيقدر على إدارة الحياة بيننا، أو أنه بالفعل مُتصوِّر حجم المشاكل التي من الممكن أن تحصل بيننا بسبب التعدُّد؟ ماذا لو تزوجته ثم تم حل ما بينهما من مشاكل، وطَلَبَت منه بعد ذلك أن يُطَلِّقني؟ فمن الممكن أن تقول له: "يا أنا يا هي"، بشكل أو بآخر، وتُريد طلاقي، ماذا عليَّ أن أفعل وقتها؟ وماذا لو كان ظالمًا لزوجته التي انفصل عنها؟ وهل رغبتها في الانفصال عنه لِسُوء خُلُقِه أو عِشْرَتِه في البيت -مثلًا-؟ ولماذا اختارا الانفصال وليس الطلاق؟

أعرف أن أسئلتي هذه غَيْبِيَّة ومجرد احتمالات، وأن من المفروض أن يكون هناك رجلٌ هو الذي يستكشف طريقة تفكيره، ويفهم منه الخطوط العريضة لشخصيته، ويُوَجِّهني للطريق الصحيح، لكن أنا -للأسف- ليس عندي مَن أَسْتَنِدُ وأعتمد عليه؛ أخي الكبير يُنَفِّرُ الناس من أسلوبه وطريقته الصعبة جدًا والغريبة، وأنا نفسي لا أقدر أن أتكلم معه خمس دقائق مع بعضها! وأخي الثاني -الذي سيجلس معي في الرؤية الشرعية- طَيِّبٌ جدًا، وخبرته قليلة جدًا في الحياة الاجتماعية، بل على العكس؛ فأنا مَن أُوَجِّهُه وأقول له: "افعل كذا وكذا"، وكيف يتصرَّف بشكل صحيح في المواقف.

هل بإمكانكم مساعدتي بالطريقة المناسبة لمعرفة كل هذه الأمور، حتى أطمئن لمناسبة زواجي منه أو عدم مناسبته؟ لأني فعلاً ليس لي أي اختلاط بالرجال، وفي الوقت نفسه لا قِبَلَ لي بالمشاكل، وخاصة مع النساء -صدقًا- فمِن أسخف وأسوأ الأشياء في الحياة أن أختلف مع امرأة في وضع غيرة، أو لا تَتَّقِي الله، أو امرأة قليلة العقل، وأنا في غنى عن كل هذه الأمور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ A .A حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام، وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير، وأن يُصلح الأحوال.

لا شك أن الأسئلة التي أشرتِ إليها أسئلة مشروعة ومهمة، وليس هناك مانع من أن تسأل فتاة مثل هذه الأسئلة، ولكن لا نريد أن تأخذ طريقة التحقيق، كما هو واضح من خلال هذه الاستشارة.

من المهم جدًّا أن نُركّز على دين الخاطب المتقدّم، وعلى أخلاقه، وعلى ما ينقدح في النفس من انشراح وارتياح وميل إليه، فإذا وُجدت هذه الأشياء فأرجو ألا تترددي في القبول به، وشجّعي هذا الأخ الذي سيكون معكِ على أن يسأل هذه الأسئلة، واتركي الأخ الذي لا يتفاهم ويُطفِّش الخطّاب -كما أشرتِ- هذا لا تُدخلوه، ولكن هذا الأخ تفاوضي معه: إمَّا أن يسأل، أو يسمح لكِ أن تسألي بعض الأسئلة، وليس من الضروري أن تكون بهذه الطريقة، لكن نقول: "نريد أن نعرف وضعك مع العائلة الأولى"، ويبدأ يتكلم.

ودائمًا نحن أيضًا لا نريد أن تتشاءمي، وأن تفترضي الأشياء الإيجابية، ونؤكد أن الحياة في وجود زوجة أخرى أو في عدم وجودها، الحياة لا تخلو من أمور، يعني مكدرات:

جُبلتْ عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُهَا *** صَفوًا مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكْدَارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها *** مُتَطَّلِبٌ فِي الْمَاءِ جَذوةِ نَارِ

ولو أن الناس يسألون بهذه الطريقة ويتشاءمون، فلا يمكن أن يتزوجوا، ولا يمكن أن تُعمر هذه الحياة.

ولذلك الإنسان في مثل هذه الأحوال يستخير ويستشير، وأنت تستطيعين أن تُشاوري العاقلات الفاضلات من العمّات والخالات، أو تُشاوري العلماء والفضلاء، وبعض المحارم من خالٍ أو عمٍّ يمكن أن تكون له وجهة نظر، وإذا كان الإخوة سلبيين؛ فأرجو أن يكون في الأعمام والأخوال من يستطيع أن يساعدكِ، ويمكن أيضًا أن تنقلي هذه الأسئلة لخالة أو عمّة لتقوم هي بطريقتها بالسؤال.

فأنا أعتقد أن هناك أكثر من طريقة وطريقة يمكن أن تصلي بها إلى بعض المعلومات التي تُريدينها.

ولكن هذه الافتراضات: أن له زوجة، وأنه سيرجع، ولماذا انفصال، ولماذا كذا؛ هذه أسئلة أرجو ألا تُتعبي بها نفسكِ، واعلمي أنكِ صاحبة تأثير، وأن الزوجة هي التي تفرض نفسها على زوجها بحُسن تعاملها، وقدرتها على احتوائه، وبالقرب منه، وإيجاد القواسم المشتركة، والقيام بواجباتها كزوجة، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير، ثم يُرضيكِ به.

ولا يخفى على أمثالكِ أيضًا من الفاضلات أن فرص الزواج قليلة؛ ولذلك نحن لا نؤيد الإسراع في الرفض، ولكن نؤيد البحث والسؤال، ولا مانع من أن تقومي أنتِ بالسؤال، لكن ليس كما قلنا بهذه الطريقة، وإنما تقولين: "أنا أريد أن أعرف معلومات عن التجربة الأولى التي خضتها"، واتركي له أن يتكلم دون أن تُقاطعيه، وهذا سيفيد جدًّا، وسيكون كلامًا شبه عادي.

أمَّا إذا كانت الأسئلة بهذه الطريقة التي وردت في الاستشارة، فإن هذا قد يجعل الرجل يهرب أصلًا، ولا نريد أن تفترضي كما قلنا الافتراضات السالبة.

والمؤمنة إذا تحيّرت في أمر فإنها تُصلّي صلاة الاستخارة، ولأهميتها فقد كان النبي ﷺ يُعلّمها لأصحابه كما يُعلّمهم السورة من القرآن، ثم عليها أن تستشير، وها أنت تتواصلين مع موقعكِ، وأنتِ في مقام بناتنا وأخواتنا، ولا نريد لكِ إلَّا الخير، فنحن لا نؤيد فكرة الدخول للحياة الزوجية بتشاؤم أو شكوك، ونتمنى أن تُقدّمي الخير، وتتفاءلي به، وتحرصي أنتِ على أن تقومي بما عليكِ، ونسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير، ثم يُرضيكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً