الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أترك دراسة الطب بسبب الاختلاط والتماسّ مع الرجال؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في كلية العلاج الطبيعي، في السنة الثالثة، في بلد مسلم وغير عربي. أعاني من كثرة الاختلاط في الجامعة، وحتى في وسائل المواصلات؛ حيث تكون مكتظة بالناس من الرجال والنساء. وقد فرضت علينا الجامعة في السنة الرابعة تدريبًا عمليًا، يستلزم من النساء ملامسة الرجال، وأنا أرفض هذا تمامًا؛ لأنه أمر يزعجني كثيرًا.

فهل أكمل دراستي أم أغيّر مجال تخصصي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وووو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكِ تواصلكِ بالموقع، ونسأل الله تعالى لكِ التوفيق والنجاح في دراستكِ، كما نشكر لكِ حرصكِ على تجنّب الوقوع في الحرام.

وقد أصبتِ كبد الحقيقة -ابنتنا الكريمة- حين أدركتِ بأنّ الاختلاط المعهود اليوم بين الرجال والنساء في كثير من الحالات هو باب فتنة وشرّ عريض، ولهذا ينبغي للمرأة أن تجتهد في تجنّبه ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.

ولكن قد تدعو الحاجات الشديدة -وأحيانًا الضرورات- إلى وقوع المرأة في ذلك، وعليها حينئذ أن تتقي الله تعالى، وتلتزم ما وردت به الشريعة من الآداب والأحكام، ومن أهم ذلك: التزام المرأة لحجابها، وعدم الخلوة برجل أجنبي، وعدم مُمَاسَّةُ بدن الأجنبي في غير الضرورات والحاجات التي نصّت عليها الشريعة الإسلامية في نصوصها، وفي كلام فقهائها، على جواز الحالات الاستثنائية.

فنحن نوصيكِ بذلك: أن تلتزمي بهذه الآداب بقدر استطاعتكِ، وما دمتِ قد قطعتِ ثلاث سنوات من الدراسة في هذا المجال، فنحن نرى أن تتمي هذه الدراسة أولى من قطعها، وتضييع كل هذه الأموال التي فُقدت، والأوقات التي ذهبت، وقد أصدرنا فتوى مفصّلة في موقعنا "إسلام ويب" في قسم الفتوى، يمكنكِ أن تراجعيها، وهي برقم (195741)، ذكرنا فيها أقوال العلماء في وقوع المرأة في لمس جسد الرجل الأجنبي، أو النظر إلى العورة عند تعلّم الطب، وأنّ هذه المصلحة المجتمع المسلم بحاجة إليها، حتى لا ينعدم هذا التخصص، وحتى لا نحتاج إلى استعمال الأجانب في مداواة المسلمين رجالًا ونساء.

ولهذا نحن ننصحكِ بالتالي:
حاولي مطالبة الجامعة بأن تسمح لكِ بالتطبيق مع النساء، وأصرّي على ذلك بقدر استطاعتكِ؛ فإن استجابوا لطلبكِ فالحمد لله، وتكونين قد اتقيتِ الله بقدر استطاعتكِ، وإن لم يستجيبوا لذلك، فحاولي أن تقتصري في التطبيق على ما تدعو الحاجة إليه، ولو دعا ذلك إلى مسَّكِ لرجلٍ أجنبي، فحاولي أن تفعلي ما لا بدّ منه، ويكون قصدكِ بذلك هو دفع هذه الحاجة بقصد التعلّم، للاستفادة من هذا العلم في خدمة الرجال عند الضرورات، أو في مداواة النساء، ونرجو بهذا ألا يكون عليكِ في ذلك إثم إن شاء الله.

وأنتِ في الحقيقة أعلم بحالكِ وأعلم بنفسكِ؛ فإن كنتِ تستطيعين القيام بهذه الوظيفة وبهذا الدور، على هذا النحو من التقوى وتجنّب الحرام، والأمن من الوقوع في الفتنة؛ فاستمرّي، وإن كنتِ ترين أن ذلك سيؤدي بكِ إلى الوقوع فيما لا تُحمد عاقبته، فأنتِ طبيبة نفسكِ، ينبغي أن تدفعي عن نفسكِ الضرر -ومنه الضرر الأخروي- بقدر طاقتكِ.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- لكِ السداد في الرأي، ومزيد من التوفيق والإعانة، وأن يتولّى حراستكِ وعونكِ، وأن يُعفّكِ بالحلال عن الحرام.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً