الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية اكتساب الثقة بالنفس والتخلص من الحياء والخجل الزائد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من عدم الثقة بالنفس في كل شيء، حتى في ملابسي التي أرتديها، ومن ضمن ذلك أحياناً أحس برغبة بعض الأصدقاء في عدم الرغبة في الجلوس معي، وأيضاً أعاني من عدم القدرة على التكلم والمزاح معهم، وذلك بسبب الخجل أو الحياء.
أرجو الإجابة على سؤالي وحل مشكلتي، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالثقة بالنفس شيء يتدرب عليه الإنسان ويكتسبه، ولابد أن يكون له الدافعية والنية الصادقة القوية بأن يحمل السمات التي تجعله مقبولاً في مجتمعه.

ولابد من الرجوع قليلاً إلى الوراء، وهي أن تتأمل في النفس البشرية، وأن ترجع وتستذكر الغاية والحكمة من خلق الإنسان، وأن الله قد كرمه، وأن الله قد فضله على بقية مخلوقاته، فهذا هو المنبع الرئيسي الذي يستشرف الإنسان ثقته بنفسه منه، وقبل ذلك لابد للإنسان أن يثق في الله تعالى وأنه قد كرمه وأنه قد فضله على كثير من خلقه.

والشيء الآخر هو التغيير المعرفي الداخلي، وهو جزء من التغيير الذي نتحدث عنه أولاً، وهو أن تنظر إلى كيانك الداخلي بأنك غير ناقص وأنك لا تقل عن بقية خلق الله وأنك فعّال، وتساند ذلك بالقيام بخطوات عملية وفعلية، إذا كنت في محيط العمل يجب أن تثبت جدارتك، على المحيط الاجتماعي يجب أن تكون سبَّاقاً للقيام بالواجبات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، ويمكن من خلال الجمعيات الخيرية أن يجد الإنسان نفسه ويشعر بقيمته ويشعر بكينونته، فاللقاءات الجماعية الخيرة دائماً هي المنبع الرئيسي لبناء النفس ولبناء الشخصية.

كما ذكرت لك: العمل التطوعي الخيري، الجمعيات الشبابية، حلقات القرآن، الفرق الرياضية، الخيرين من الإخوة... هنا يحدث نوع من التمازج وتبادل الخبرات بصورة مباشرة وغير مباشرة.

إذن؛ ابدأ والتحق بأحد هذه المكونات الاجتماعية، ويا حبذا لو التحقت بأكثر من واحدة.

ولا شك أن الحياء من الإيمان والحياء مطلوب، وكثير من الناس يخلط بين الخجل والحياء والخوف الاجتماعي، أنت تعتبر أن الذي لديك هو حياء، والحياء لا يمنعك أبداً من إثبات الذات والاختلاط والتفاعل مع الآخرين.

وبالنسبة لعدم القدرة على الكلام والمزاج، المزاح الباطل لا خير فيه، ولكن المزاح في حدود المعقول وحدود الذوق لا بأس به أبداً..

ويجب أن ترفع من رصيدك المعرفي عن طريق الاطلاع واكتساب المعلومات في الأمور الاجتماعية والعلمية المختلفة، فهذا سوف يوسع من مخزونك المعرفي، وحين يتسع المخزون المعرفي سوف تجد أنك قد بدأت تخاطب الآخرين.

ويمكن أن تعيش نوعاً من السيناريو الخيالي بأن تجلس لوحدك في مكان هادئ وتقرأ معلومة، ثم تقوم بتكرارها وتتخيل أنك طرحت هذه المعلومة للنقاش بين أقرانك وأصدقائك.. هذه التمارين الذهنية تمارين فعّالة جدّاً، فأرجو أن تُقْدِمَ عليها وتأخذها بجدية شديدة.
وهناك ناحية أخرى: وهي أن تحدد مواضيع معينة وتقول: سوف أذهب - على سبيل المثال - لزيارة أخي أو صديقي، وسوف أطرح عليه هذه الموضوعات.. ولابد لك أيضاً من أنك ترفع من مهاراتك الاجتماعية البسيطة والتي تتطلبها الحوار الجيد والتخاطب الفعّال، وهي أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتكلم معهم، وألا تتجنب ذلك، وألا تستعمل اللغة الحركية كالكلام مع حركة اليدين كما يفعل البعض.

وأما الشعور بعدم الرغبة أو أن الآخرين ليس لديهم الرغبة في الجلوس معك.. هذا ربما يكون جزءاً من شخصيتك، هناك ما يعرف بالشخصية الإسقاطية أو الشخصية الظنانية التي تأتيها مثل هذه المشاعر، فأقول في حالتك: الأمر ليس معقَّداً أو لا تعاني حقيقة من هذه الشخصية بحدة؛ لأن هذه الشخصية تتسم بأعراض أخرى لا أعتقد أنك تعاني منها.

إذن؛ يجب أن تحسن الظن ويجب أن تثق في الآخرين، وتتأمل وتفكر أن لا مصلحة لأحد أبداً في أن يكرهك أو أن يبغضك أو أن تكون شخصاً غير مرغوب فيه.

أخي الفاضل! هذه الأعراض أيضاً ربما تختلط بعسر في المزاج وعدم الرغبة في التفاعل، وهنا ربما تفيدك أحد الأدوية البسيطة التي تعالج مثل هذه الأعراض أيضاً أو تساعد في علاجها، هناك دواء يعرف باسم (زولفت)، وهو من الأدوية الجيدة والفعّالة والسليمة جدّاً، وهو طيب حين يستعمل في حالات القلق والخوف وعدم القدرة على التمازج مع الآخرين، ابدأ في استعماله حبة واحدة 50 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه.

أرجوا أن تثق في نفسك وأن تثق في مقدرتك، وإذا نظرت بدقة لذاتك سوف تجد أن لديك الكثير من السمات الإيجابية والطاقات الداخلية الإيجابية القوية التي لم تستغلها الاستغلال الحسن.

فأرجو من الآن أن تتأملها وأن لا تنظر لنفسك نظرة سلبية، وأن لا تقلل من قيمة ذاتك أو تحقِّرها.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً