الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آلية إنقاذ الأبناء من التأثر بانحراف أبيهم

السؤال

أنا أم لطفلين أحدهم 14 سنة والآخر 8 سنوات، والدهم مدمن على شرب الخمر وهو يحضره معه إلى البيت وهم يعلمون بذلك؛ لأنه يحضر في المساء يومياً سكرانا إلى المنزل.

كيف أحميهم من الوقوع في هذه المعصية؟ وكيف أشرح لهم أن هذا حرام رغم أن أباهم يفعل هذا دون أن أهز صورته عندهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يهدي زوجك، وأن يتوب عليه، وأن يوفقه للتخلص من هذه الكبيرة النكراء والعمل القبيح وأن يحميك وأولادك ويحفظكم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه لمن المؤسف حقاً أن يكون هذا سلوك مدير المؤسسة التربوية الأولى؛ لأنه لا يجني على نفسك فقط وإنما نظراً لكونه في مقام المسئولية والقدوة، فإن عمله في غاية الخطورة، ومهما حاولت الدفاع عنه وعن سلوكه المنحرف فإن هذا التصرف الذي يتكرر أمام هؤلاء الأطفال سيلقي قطعاً بظلاله على سلوك الأولاد في المستقبل إلا إذا حدثت كرامة لك من الله بأن أعانك فعلاً على إقناعهم بشتى الوسائل بسوء تصرف والدهم وأن ما يمارسه عمل مشين وحقير ولا ينبغي تقليده بحال من الأحوال، ولذلك المهمة الملقاة على عاتقك في غاية الأهمية والخطورة؛ لأن المطلوب منك أن تقومي بدور الأم والأب في آن واحد وفوق ذلك تصححين هذا التصرف وتشرحين خطورته بمهارة واقتدار مع الحرص الشديد على عدم تجريح الأب أو إسقاطه من نظرهم – فكان الله في عونك وأمدك بمدد من لدنه إنه على كل شيء قدير، ولنبدأ معاً وضع آلية لإنقاذ الأطفال وذلك كالتالي:

1- سؤال الأولاد عن رأيهم ووجهة نظرهم فيما يصدر من والدهم من تصرفات عند سكره، وهل هم راضون عما يحدث ويشجعونه أم لا؟ أو أنهم يرونه شيئاً عادياً أم لا؟ واسمعي منهم وجهة نظرهم وناقشيهم فيها لتعرفي مدى تأثرهم إلى الآن بأبيهم وتصرفه، فإن وجدت لديهم إنكاراً أو عدم رضا عن هذه التصرفات وأنهم ينفرون منها ويتمنون أن يقلع والدهم عن تعاطي المسكرات، فمعنى ذلك أن نظرتهم ما زالت سليمة، وأن بمقدورك استقلال هذا الوضع لمساعدتهم وحفظهم إن شاء الله.

2- سليهم عما يعرفونه عن هذه الأشياء والمشروبات التي يتعاطاها والدهم هل يعرفون عنها معلومات كثيرة أم قليلة؟ وهل ما لديهم من معلومات صحيحة أم خاطئة؟

3- إذا حددت موقف أولادك بدقة يسهل عليك عند ذلك وضع الخطة المناسبة كالتالي:

أ- إذا كان الأولاد يعرفون ما يفعله والدهم معرفة كافية وأن ما يشرب إنما هو خمر محرم، وأن أباهم يخطئ في تصرفاته وأنهم لا يوافقون على تصرفاته ويكرهون هذه الأشياء التي يشربها ويحزنون لتصرفاته الغير لائقة ويستحون منها فعليك في تلك الحالة استغلال هذه الفرصة كلما جاءت مناسبة أو أتيحت فرصة وركزي دائماً على السلبيات وأظهريها أمامهم بوضوح خاصة إذا صدر من أبيهم تصرف غير طبيعي فقولي لهم ما رأيكم فهذه نتيجة شرب هذه المحرمات فاحذروا حتى لا تكونوا بهذه الصورة وبيني لهم أن الناس يكرهون هذه الأشياء وأن الشرع حرم أن يتعاطى الإنسان ما يذهب عقله أو يجعل تصرفاته أحط من الحيوان.

4- ونظراً لحرصك على عدم تجريح والدهم أو هز صورته في نظرهم فبيني لهم أن أباهم مريض وهو فعلاً كذلك؛ لأن من يتعاطى المخدرات أو المسكرات ليس كامل الإيمان وإنما في قلبه مرض أدى به إلى الوقوع في كبائر الذنوب، وأن الصحيح السليم لا يجوز له تقليد المريض لأن المريض له ظروف خاصة أما الأصحاء فليس لهم عذر في فعل هذه المخالفات.

5- حاولي ربطهم ببعض الشباب الصالح لقضاء معظم أوقاتهم معهم.

6- ربطهم ببعض الأنشطة الدعوية إن وجدت في منطقتكم شريطة أن تكون بعيدة عن الأطر أو الأحزاب السياسية.

7- شجعيهم على قراءة الكتب الإسلامية خاصة ما يتعلق بالتاريخ والسير حتى تقدمي لهم صوراً رائعة لشخصيات يجب عليهم أن يقتدوا بهم، وامنحيهم بعض الجوائز على ذلك.

8- شجعي روح التنافس بينهم في الخير سواء أكان في الدراسة أو مطالعة الكتب النافعة أو أعمال الخير والبر.

9- بيني لهم أن السكران لا يستطيع أن يؤدي أي دور في الحياة؛ لأنه لا يستفيد من عقله الذي أكرمهم الله به.

10- ذكريهم بين الحين والآخر بسير بعض العظماء الذين غيروا ومن التاريخ من المسلمين وغيرهم، وأن أهم ما تميز به هؤلاء إنما حسن الاستغلال لنعم العقل.

11- حثيهم على المحافظة على الصلاة في الجماعة، ويا حبذا لو وضعت لهم برنامجاً لحفظ القرآن الكريم.

12- أكثري لهم الدعاء في معظم الأوقات خاصة أوقات الإجابة، واجتهدي لهم في ذلك وأبشري بتوفيق الله لك وبقبوله لأعمالك الصالحة، وتأكدي من أنه لن يضيع جهدك وتعبك سدى لأنه وعد الناس بقوله: (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ))[الزلزلة:7].

مع تمنياتنا لك بالتوفيق ولأولادك بالصلاح ولزوجك بالمغفرة والتوبة والعودة إلى صراط الله المستقيم.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً