الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاعتبارات التي يجب أن يستحضرها الطالب عند اختيار تخصص الدراسة.

السؤال

السلام عليكم..

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.

دائماً أحلم وأطمح وأسعى لأن يحدث تغيير في أمتنا يرفع عنا ما بنا من اضمحلال بين أمم العالم ويعيد لنا مكانتنا الأصلية، حتى إنني أحياناً تمنيت لو أنني أكثر من شخص لكي نتقدم بسرعة...فكرت في أن الهندسة المعمارية هي من ستقوم بالقسط الأكبر لأن للعمارة دوراً أساسياً في الحضارة، وللأسف منعني منها أبي وقال إنها عمل الرجال و... إلخ

الكل قال لي طب، وأمي قالت لي: إني أتمنى أن يكون أحد أبنائي طبيباً، وتستطيع القول بأني أملها الوحيد، وقد استشرت أحدهم ممن أثق بهم وقال لي بأن الطب مهنة إنسانية، والمهم أن الطب من أسس التقدم فقررت أن أقدم على طب ومعدلي لم يكف، فهذا العام عندنا بالجزائر عام استثنائي، دخلت معهداً للتجارة، ورغم أنني لست مقتنعة إلا أنني سأدرس.

كل ما ذكرته لأوضح لكم الصورة ولكي ترشدوني فإن كان الطب بالفعل من أسس التقدم فإنني سأعيد تقديم طلب للبكالوريا وسأدرس أيضاً في الجامعة، وإن شاء الله سيعينني وسأحصل على معدل عالي لأدرس الطب.

أرجو منكم أن تجيبوني بسرعة لكي أعرف ما أفعل فالدخول الجامعي اقترب، إنني متوكلة على الله ثم عليكم.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن الطب والهندسة المعمارية وغيرهما من التخصصات هي من جملة فروض الكفاية التي تحتاجها الأمة، وقبل أن نشير عليك بما يناسبك عليك أن تعلمي أن المسلم أو المسلمة مطالب بأن يكون لبنة بناء في هذه الأمة، والواجبات نوعان: منها ما يتعلق بعمارة الآخرة، ومنها ما يتعلق بعمارة الدنيا: فالأول هي أركان الإسلام وفرائضه، والثاني هي المهن والحرف والصنائع التي تحتاجها الإنسانية، كالطب والزراعة والصناعة.

وهذان النوعان (الدنيوي والأخروي) كل منهما ينقسم إلى فروض كفاية (وهو الذي لا يكون خطاب الشرع متوجها لأحد بعينه حيث يكفيه غيره القيام به).

وفرض عين (وهو الذي يتوجه فيه خطاب الشرع على عين المكلف)، فمثال فرض الكفاية الديني: صلاة الجنازة، ومثال فرضه العيني: الصلوات المكتوبات.

ومثال فرض الكفاية الدنيوي: مهنة الطب، وقد تتعين على شخص واحد إذا لم يكن بالبلد غيره واحتاجه المسلمون ... وهكذا ينبغي أن تكون الصورة واضحة في أذهان شبابنا عند مقارنتهم بين فروض الكفايات وفروض الأعيان..

أما بالنسبة لما يتعلق بك شخصياً، فهذا عائد إلى عدة عوامل منها:
1- الرغبة الشخصية في تخصص معين وهي أكبر دافع للإبداع والتفوق في هذا التخصص.
2- وجود العوامل المساعدة على ذلك .. من المعدل الدراسي والتكاليف المادية المقدور عليها وهكذا.
فلا ينبغي أن يكون نظرك منصّباً فقط إلى سلوك تخصص تحتاجه الأمة ـ فهذه نية تؤجرين عليهاـ ولكن كذلك ينبغي مراعاة العوامل السابقة؛ لأن هذه التخصصات غالباً كفائية وقد سلكها أناس كثيرون!
وقد ذكرت في رسالتك ثلاثة تخصصات، الهندسة المعمارية وقد منعك أبوك منها، والطب وأمك تدفعك إليه، والتجارة وأنت غير مقتنعة بها.. والأنسب لك والله أعلم حسب وصفك ... هو الطب لأنه يوافق رغبة والدتك ـ وإن كنت ستأخذين عاماً كاملاً لرفع المعدل ـ لكن هذا لا يهم طالما حددت مشوارك وهدفك في حياتك العلمية والمهنية...
فإذا قررت سلوك الطب فعليك أن تعلمي بأن هذه مهمة شريفة، وأنها تخفف عن الناس، وعليك بالتزام الآداب الشرعية في دراستك واختلاطك بزملائك من طلاب وطالبات الكلية...

نسأل الله أن يوفقك للتخصص الذي يناسبك وأن يشرح به صدرك وأن ينفع بك أمتك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً